الأربعاء 10 تموز , 2024 03:48

الناتو في ذكراه الـ75.. لماذا أوروبا قلقة على مستقبلها؟

تأسس حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1949، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كان الهدف من تشكيله حينها مواجهة توسّع الاتحاد السوفياتي في أوروبا والعالم، أما في الزمن الحالي، فإن الهدف المعلن من تأسيسه هو ضمان حرية وأمن أعضائه من خلال الوسائل السياسية والعسكرية. وتعتبر الولايات المتحدة صاحبة اليد الطولى في الحلف.

على المستوى السياسي، يعلن الحلف أنه يعمل على "تعزيز القيم الديمقراطية" وتمكين أعضائه من التشاور والتعاون في القضايا المتعلقة بالدفاع والأمن لحل المشاكل، وبناء الثقة، ومنع الصراعات على المدى الطويل. وعلى المستوى العسكري، فإن المنظمة ملتزمة بالحل السلمي للنزاعات، وفي حال فشل الجهود الدبلوماسية، فإنها تلجأ إلى القوة العسكرية اللازمة للقيام بعمليات إدارة الأزمات.

خطاب بايدن

في مناسبة قمة حلف شمال الأطلسي التي انطلقت في واشنطن، بالتزامن مع الذكرى الـ75 لتأسيس الحلف، ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن خطاباً قال فيه أن الحلف أضحى الآن أكثر قوة من أي وقت مضى مع اجتماع 32 دولة معاً، معلناً تزويد أوكرانيا بنظام باتريوت أميركي جديد. وأضاف أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيزودون أوكرانيا بأنظمة دفاع تكتيكية في الأشهر المقبلة. معتبراً أن هذه "الهبة التاريخية" التي تتضمن نظام باتريوت تندرج في إطار الجهود التي يبذلها حلف الأطلسي لحماية أوكرانيا من الهجمات الجوية الروسية.

ونظام باتريوت عبارة عن نظام صاروخ أرض جو، يصنع من قبل شركة "رايثيون" (Raytheon) الأميركية ومصمم للحماية من الصواريخ المهاجمة والطائرات، إذ يقوم بإصابتها وتفجيرها في الهواء قبل بلوغها أهدافها. وبذلك، يكون الجديد في هذه الهبة الخماسية هو بطارية باتريوت التي أعلنت واشنطن عزمها على تقديمها لكييف، إذ إن البطاريات الأربع الباقية (3 بطاريات باتريوت وبطارية سامب/تي) تم الإعلان عنها سابقاً. وتم التأكيد على حاجة أوكرانيا الملحة لأسلحة الدفاع الجوي يوم الاثنين من خلال موجة من الضربات الصاروخية الروسية التي أصابت 20 مدينة وألحقت أضراراً بالبنية التحتية الأوكرانية.

الانتخابات الأمريكية وحلف الناتو

صرّح ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أن القمة ستركز على ثلاثة مواضيع، الأول هو تعزيز دفاع الحلفاء والردع، والثاني هو دعم جهود أوكرانيا للدفاع عن نفسها، والثالث هو الاستمرار في تعزيز الشراكات العالمية لحلف شمال الأطلسي خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ويخيّم الترقب والحذر في أروقة اجتماعات حلف الناتو، لما ستسفر عنه الانتخابات الأميركية من نتائج، نظراً لأن الولايات المتحدة هي أحد الأعضاء المؤسسين لحلف الناتو، وتساهم بأكبر جيش في الحلف، والمرشّح المنافس للرئيس الحالي هو دونالد ترامب الذي أعلن سابقاً بأن الناتو "عفا عليه الزمن" وهدد بغادرته، ما يعني تقويض الحلف من خلال حجب التمويل الأميركي واستدعاء القوات الأميركية من أوروبا.

لطالما اشتكى ترامب من أن أعضاء الناتو لا ينفقون ما يكفي على دفاعهم الجماعي، وهذا أحد أسباب إعلان الحلف عن زيادة إنفاق الأعضاء في السنوات الأخيرة. بالإضافة إلى إطلاق وعود بالتفاوض على سلام سريع بين روسيا وأوكرانيا في حال انتخابه ومن المحتمل أن تجبر مثل هذه المفاوضات أوكرانيا على التخلي عن جزء من أرضها أو طموحاتها بالانضمام إلى الناتو.

تتفق هذه المخاوف مع دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي القادة السياسيين الأميركيين في واشنطن لعدم انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل للتحرك بقوة لدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية. وفي خطابه بمعهد رونالد ريغان عشية انعقاد القمّة، شدد على أهمية اتخاذ قرارات قوية فوراً وعدم التأجيل حتى موعد الانتخابات، مشيراً إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتظر كذلك تلك الانتخابات.

في هذا الإطار، أكد ستولتنبرغ للصحافيين أنه يتوقع من القمة الموافقة على أن يتولى حلف شمال الأطلسي زمام المبادرة في تنسيق المساعدات الأمنية والتدريب لأوكرانيا، إضافة إلى مناقشات حول إرسال مبعوث لحلف الناتو إلى كييف لتحسين مستويات التنسيق والتواصل. وقد صرح ستولتنبرغ في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية أنه يأمل في انضمام أوكرانيا لحلف الناتو خلال العشر سنوات المقبلة، لكن لا يوجد حتى الآن جدول زمني لهذا الانضمام ولم يوجّه الحلف دعوة رسمية لأوكرانيا.

يتصدر الملف الأوكراني اللقاءات والنقاشات داخل القمة مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث، ويرى قادة الحلف أن أفضل طريقة لضمان أمن أوكرانيا على المدى الطويل هو منحها المزيد من القدرات العسكرية لهزيمة روسيا، وهو ما يعني تسريع تسليم أنظمة الدفاع الجوي والطائرات والصواريخ طويلة المدى إلى كييف. وعلى مستوى آخر ستتوجّه الأنظار إلى المؤتمر الصحافي الذي سيعقده بايدن في ختام القمة، يوم الخميس، وقدرته على التفاعل مع أسئلة الصحافيين، بعد أدائه المرتبك خلال المناظرة الرئاسية وتزايد المطالب بتنحيه عن السباق الانتخابي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور