خرجت يوم السبت مظاهرات حاشدة في عدد من المدن الإسرائيلية للمطالبة بإيقاف الحرب وصفقة تبادل للأسرى. وقالت هيئة عائلات الأسرى إن نصف مليون متظاهر شاركوا في مظاهرة تل أبيب، بينما شارك أكثر من 250 ألفاً في باقي أنحاء الكيان، وهي بذلك تعتبر "أضخم مظاهرات في تاريخ إسرائيل".
في هذا السياق، نشرت صحيفة هآرتس مقالاً، ترجمه موقع الخنادق، يتحدث فيه الكاتب عن المظاهرة الكبرى التي حصلت أول أمس في شوارع تل أبيب، ويشير لفشل استراتيجية نتنياهو في التعامل مع حركة حماس، موضحاً "في البداية قال إن إسرائيل تحتاج إلى الاستيلاء على خان يونس، ثاني أكبر مدينة في القطاع، ثم أصر على الاستيلاء على رفح" من دون أي نتيجة لإعادة الأسرى الذين "يموتون موتاً بطيئاً في أنفاق غزة".
النص المترجم للمقال
إن ادعاء نتنياهو بأن حماس وحدها هي التي تمنع التوصل إلى اتفاق هو شهادة على فشل استراتيجيته، إذا كانت هناك استراتيجية أصلاً.
في ليلة السبت، شهدت إسرائيل واحدة من أكبر المظاهرات في تاريخها، عندما خرج مئات الآلاف من الناس إلى الشوارع. وكان السبب الرئيسي وراء هذه المظاهرة ــ وهي الأكبر منذ بداية الحرب قبل عام تقريباً ــ هو فشل الحكومة في إعادة أكثر من مائة رهينة إسرائيلي ما زالوا محتجزين لدى حماس في غزة.
إن الاحتجاج ضد الحكومة في خضم الحرب الدائرة ليس بالخيار السهل بالنسبة للعديد من الإسرائيليين. فمن بين الحشود الضخمة التي تجمعت في تل أبيب وغيرها من الأماكن في مختلف أنحاء البلاد كان هناك العديد من المواطنين الذين عادوا من الخدمة الاحتياطية أثناء الحرب، وأسر الجنود الذين يخدمون حالياً في الخطوط الأمامية، وأسر الرهائن الذين ما زالوا يكافحون من أجل إطلاق سراح أحبائهم.
بعد 11 شهراً من الصدمة والألم والخوف، اختارت شريحة كبيرة من الجمهور أن تعبّر أيضاً عن غضبها إزاء الفشل الهائل الذي حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والإخفاقات المستمرة للحرب نفسها منذ ذلك اليوم.
كان رد الحكومة على الاحتجاج، إلى جانب الشتائم المعتادة ونزع الشرعية عن المتظاهرين، هو الإشارة إلى حماس. ويواصل نتنياهو وأبواقه القول إن الإرهابيين الذين يحتجزون رهائننا هم العقبة الوحيدة أمام إعادتهم. فلماذا يخرج أي إسرائيلي وطني للاحتجاج ضد الحكومة عندما يكون يحيى السنوار هو في الواقع من يحتجز رجالنا ونساءنا في أنفاق غزة؟
ولكن هذه الحجة تنطوي على مشكلتين. أولا، من دون التقليل من مسؤولية حماس عن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها من خلال اختطاف المدنيين من إسرائيل، فمن الواضح في هذه المرحلة أن حكومة نتنياهو ليست مهتمة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن. والواقع أن السنوار، القاتل المتعصب، هو الشخص المناسب الذي يتحمل المسؤولية عن معاناة الرهائن.
ولكن في هذه المرحلة، فإن الغالبية العظمى من أسر الرهائن، فضلاً عن معظم المسؤولين الإسرائيليين المشاركين في المفاوضات، يتفقون على أن نتنياهو عمل باستمرار على عرقلة أي تقدم نحو التوصل إلى اتفاق، وذلك ببساطة لأنه يخشى فقدان دعم شركائه في الائتلاف من اليمين المتطرف.
والنقطة الأخرى الأكثر أهمية هي أنه حتى لو أظهرت حماس بالفعل تعنتاً في المفاوضات، ورفضت أي نوع من الاتفاق، فإن هذا يشكل سبباً إضافياً يدفع الإسرائيليين إلى الاحتجاج ضد نتنياهو. فبعد 11 شهراً من الحرب التي استلزمت تضحيات هائلة في الدم والموارد من البلاد، وبعد أن دخل جيش الدفاع الإسرائيلي كل مدينة رئيسية في قطاع غزة ودمر مساحات واسعة منه، لا ينبغي لحماس أن تكون في وضع يسمح لها بإملاء شروط الاتفاق أو الإصرار على أولوياتها.
إن ادعاء نتنياهو ــ بأن حماس وحدها هي التي تمنع التوصل إلى اتفاق ــ يشكل شهادة على فشل استراتيجيته، إذا كانت هناك استراتيجية في المقام الأول. ففي البداية قال إن إسرائيل تحتاج إلى الاستيلاء على خان يونس، ثاني أكبر مدينة في القطاع، من أجل إخضاع حماس. ثم أصر على الاستيلاء على رفح. وقد فعل الأمرين، بدعم ــ وإن كان على مضض ــ من الولايات المتحدة.
ولكن بعد كل ما سبق، تظل النتيجة كما هي: إن رهائننا يموتون موتاً بطيئاً في أنفاق غزة. والحكومة التي لا تريد التغيير أو لا تستطيع ببساطة أن تغير، لابد وأن تتنحى جانباً وتترك للآخرين أن يحاولوا.
المصدر: هآرتس
الكاتب: Amir Tibon