تخضع وسائل الإعلام العبرية لرقابة عسكرية مسبقة. تحدد تلك الرقابة ما يسمح بنشره وما يحظر بثّه، خاصة في الشؤون المتعلقة بجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، وتنبع هذه الرقابة من الاعتقاد بأنّ الجيش هو ذاك الصرح "المقدّس" الذي لا يجب أن تتضرر صورته. فتبقى – تحت هذه المزاعم - المعلومات رهينة قضبة السلطة التي تمارس التعتيم والتضليل على الرأي العام "الإسرائيلي" وتطوّع الإعلام خدمة لمصالحها وأجندتها، على عكس ما يُوحى أنّ هذا الكيان يتّبع الديمقراطية والحرية في النشر والإعلام.
يمرّ كل ما ينشر في أيّ وسيلة، مكتوبة، مسموعة أو مرئية – مسموعة، عبر مكتب الصحافة الحكومي. ومن صلاحيات هذا المكتب سحب تراخيص وبطاقات اعتماد من أيّ صحافي يخالف سياسات النشر، أو يعمل على نشر مقالات ناقدة لـ "إسرائيل" بشكل يمسّ بمكانتها وصورتها الخارجية.
اللافت أيضًا أن هذه الرقابة المسبقة تسري منذ تأسيس هذا الكيان على أرض فلسطين المحتلّة بموجب قوانين طوارئ لم يجمّدها الاحتلال منذ 75 عامًا! اذ إنّ قانون الطوارئ هذا هو إرث من الانتداب البريطاني. ولم يطرأ على تلك القوانين أي تغيير جذري يذكر منذ ذلك الحين
تتشدّد مستويات الاحتلال بتطبيق هذه الرقابة أثناء الحروب، وتحظر "القوانين الإسرائيلية" نشر أي مواد سرية من "الأرشيف القومي الإسرائيلي" إلا بعد ربع قرن على الأقل وقد تطول الفترة وفقاً للتقديرات.
في هذا السياق، يدرس الكتاب الصادر عن "مركز باحث للدراسات" تحت عنوان "منظومة الرقابة في إسرائيل: عصا السلطة الغليظة لتطويع الإعلام"، منظومة الرقابة على المعلومات، بما يساعد في معرفة هذه الجهات وآليّات عملها وتبعيّاتها وأهدافها بالإضافة إلى معرفة خلفيّات إنشائها وما لديها من صلاحيّات وأثرها على واقع التسلّط الإستخباري على مصادر المعلومات العلنيّة من مختلف مصادرها في الكيان، وبالتالي معرفة ما خلفيّات كل ما يُنشر وما لا يُنشر عبر الإعلام الرسمي وغير الرسمي كجزء من الدعاية والحرب النفسيّة أو ما يسمّى حديثاً بالمعركة على الوعي.
المصدر: مركز باحث للدراسات