ليس غريباً أن تنتشر العشائر العربية في مناطق دير الزور والرقة والبوكمال ومن ثم في الشمال السوري، وأن تكون مترابطة من شبه الجزيرة العربية إلى العراق مروراً بسوريا والأردن وصولاً الى فلسطين أيضاً وبالتأكيد في سيناء. في هذه المساحة الواسعة تنقلت القبائل العربية بحثاً عن الماء أو الكلأ لماشيتها. والبعض ينسى أن شبه الجزيرة العربية تمتد ما بين الأنهر الثلاث: النيل ودجلة والفرات، وأن هذه أرض واحدة عاش فيها شعب واحد، وأن البادية السورية هي جزء لا يتجزأ من شبه الجزيرة العربية.
روابط تاريخية بين عشائر سوريا والعراق
لا يخفى بالتأكيد الروابط العائلية ورابطة الدم، وحتى اللهجة الواحدة ما بين أهل الرمثا في الأردن وأهل درعا، وما بين أهل دير الزور والبوكمال وريفي إدلب وحلب، وما بين لهجة أهل العراق، فاللهجات واحدة ولا يستطيع تمييزها بين مدينة أو ناحية وأخرى إلا أبناؤها. وحتى أن أبناء الجزيرة السورية لا يستمتعون إلا بسماع الغناء العراقي.
التغير في اللهجات وبعض العادات حصل في المدن الرئيسية كما في عمان وحلب وباقي المدن السورية التي تقع خارج نطاق الجزيرة، وهذا له أصوله التاريخية والمتغيرات التي خضعت لها المنطقة. وهناك تشابه في الفن الشعبي مثل الدبكات الشعبية والغناء الشعبي ما بين أهل العراق والجزيرة السورية، ونحن هنا نتحدث عن أهل الريف والبادية وحتى في المدن. الكلام نفسه ينطبق على الغناء الشعبي والرديدات والدبكات بين الأردن ودرعا والقنيطرة وحتى في السويداء في الجنوب السوري مع تغيرات بسيطة عن منطقة الفرات والتي فرضتها المسافة الشاسعة التي تفصل ما بين المنطقتين. كما تنتشر القبائل العربية في البادية وخاصة في واحة تدمر وحضر حماة.
وعبر التاريخ لا يمكننا ان ننسى ان الممالك العربية، التي قامت وتحدثت اللغة العربية كانت موجودة، وأهمها كندة على ساحل بحر العرب، وسبأ وحمير ومعين في اليمن، والأنباط في الأردن، والغساسنة في بُصرى الشام وحوران، والمناذرة في العراق وأشهرها مملكة عربية نعرفها هي مملكة تدمر في قلب البادية السورية. ولذلك من الطبيعي أن تتقارب العشائر العربية في علاقاتها لأنها أفخاذ من بطن قبيلة ما زالت تسكن منطقة ما في داخل شبه الجزيرة العربية، والتي حددنا حدودها ما بين دجلة والفرات والنيل.
تاريخ العشائر في سوريا يعود الى أكثر من 1500 عام
تعتبر سوريا الامتداد الطبيعي للجزيرة العربية وكانت تسكنها بعض القبائل العربية منذ أكثر من ألف وخمسمائة عام مثل بني كلب وقضاعة وجذام وقبيلة لخم وتغلب والغساسنة وبنو عاملة، وعند بداية الفتوحات الإسلامية هاجرت إليها مئات القبائل الأخرى في فترات زمنية متقطعة بحثاً عن الماء والكلأ أو بسبب الحروب وغيرها.
و يوجد اليوم في سوريا الكثير من القبائل العربية ومنها: قبيلة المسالمة، قبيلة القطان، قبيلة الرفاعي، قبيلة الحريري، قبيلة الزعبي، قبيلة المحاميد، قبيلة المشاهدة، قبيلة عنزة ومنهم قبائل الفدعان والعمارات، قبيلة شمر، قبيلة الظفير، قبيلة النعيم، قبيلة بني خالد، قبيلة جيس، قبيلة بني عصيد،قبيلة البقارة، قبيلة الدليم، قبيلة الجبور، قبيلة العبيد، قبيلة اللهيب، قبيلة العقيدات، قبيلة الولدة، قبيلة الموالي، قبيلة كنانة ومنهم قبائل المدالجة، قبيلة البوخميس، قبيلة العفادلة، قبيلة الحديدين، قبيلة حرب، قبيلة طيء ومنها قبائل الفضول، قبيله السرحان، قبيلة العدوان، قبيلة الشرابيين، قبيلة الفواعرة، قبيلة بني صخر، قبيلة خفاجة، قبيلة البو شعبان.
84% نسبة العشائر من العرب في سوريا
تبلغ نسبة العشائر تقريباً 84% من العرب في سوريا، واستقرت معظمها في منطقة الجزيرة السورية منذ القرن التاسع قبل الميلاد.أي ما قبل الفتوحات العربية الإسلامية بألف وستمائة عام. وعند الحديث عن الجزيرة السورية الواقعة ما بين دجلة والفرات، فإن هناك قبائل أو عشائر عربية تنتشر من سوريا وتمتد في داخل العراق وبعض منها في درعا والقنيطرة. ويتوزع ولاء هذه العشائر بين موالين للنظام ووطنيون يرفضون الاحتلال الأميركي، وبين معارضين للنظام، وآخرين ولائهم لقسد الكردية، ولكن الغالبية العظمى لهذه العشائر ترفض اليوم ممارسات وحدات حماية الشعب الكردي "قسد" التي تقوم باضطهادهم وتحرمهم من أبسط حقوقهم لا سيما النفط حيث تحصل قسد على مئة مليون دولار يومياً من بيع النفط، ولا تعطي العشائر فلساً واحداً منها.
عشيرة البقارة من أهم العشائر السورية
أهم القبائل المنتشرة في الجزيرة السورية، ولا يمكننا الحديث عن مدينة محددة، هي قبيلة البكارة أو البقارة. رجال هذه القبيلة وطنيون وقد قاتلوا بشراسة الإحتلال الفرنسي، وهم يتحدرون من سلالة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، ومن حفيده الإمام محمد الباقر(ع)، وهو جدهم الأكبر وتأتي تسميتهم من تسميته بالباقر. وتنتشر البقارة في سوريا والعراق، ويمتدون في سوريا من محافظة حلب حتى محافظة دير الزور. وأما في العراق فهم يمتدون في محافظات الموصل والفلوجة ونينوى وصلاح الدين. تعتبر قرية المحيميدة مركزاً لمشيخة القبيلة في دير الزور، وعدد أفراد القبيلة في سوريا أكثر من 1.2 مليون، اما في العراق فعددهم أكبر. ومن أهم عائلات القبيلة عائلة عايش وعياش وعبود. ويشكل 25% من هؤلاء من "المعارضة".
قبيلة العقيدات من كبرى العشائر السورية
القبيلة الثانية التي تعد من كبرى القبائل في دير الزور هي قبيلة العكيدات أو العقيدات. والتسمية الصحيحة هي العقيدات. والتعقيد في كتابة الحرف الصحيح له علاقة باللهجة المحلية السائدة. يبلغ عدد أفرادها أكثر من مليوني نسمة. يعتبر 10% من أفراد القبيلة من المعارضين، وهم كانوا من الشباب، الذين غُرر بهم بأن ما يحدث هو ثورة، والبعض له علاقة بحكومة الإئتلاف السورية في اسطنبول.
تنتشر أفراد القبيلة في محافظات حمص وحماة وحلب، ولكن معظمهم في دير الزور. أحد شيوخ العقيدات مصعب الهفل شيخ شمل من قبيلة العقيدات، في لقاء معه على موقع حلب اليوم المعارض أكد أن لا لقاء مع أي قوات خارجية أو حتى أميركية له علاقة مع أية قوة خارجية بشأن قتال قسد، التي تمادت في اضطهادها لأبناء القبائل العربية، وأن من حضر إجتماع السفارة الأميركية في قطر من العشائر هم من يقاتلون إلى جانب قسد، كما أن العشائر التي تقاتل قسد لا علاقة لها بالدولة السورية.
عشائر الجبور وطي وشمر
عشيرة الجبور وشيخهم نواف عبد العزيز المسلط من قادة المعارضة من هذه القبيلة يعيش في السعودية منذ بداية الهجمة على سوريا في العام 2011. يبلغ عدد أبناء العشيرة 800 ألف، ومعظمهم من سكان محافظة الحسكة. كما يسكن في نفس المحافظة عشيرة طي ويبلغ عددهم أكثر من 709 ألف نسمة، ويوجد فيها ما نسبته 10% من المعارضين، وقسم من هؤلاء يعمل مع قوات الحماية الكردية. وأما عشيرة شمر فشيخهم حميدي الدهام الجربا، وهو قائد صناديد شمر.
وبحسب سبوتنيك فإنه "يوجد عشيرة الجحيش ويبلغ عددها تقريبأ 200 ألف نسمة ويتزعمهم الشيخ ابن صليب وتتوزع في محافظتي الحسكة وحلب، ومن ثم عشيرة البو كامل ويتزعمها الشيخ محمد أملح الدهام ويسكنون في ريف دير الزور، إضافة إلى عشيرة البو جابر في الرقة يتزعمها الشيخ عايد فايق الضيف. وفي حلب توجد عشيرة العساسنة ويتزعمها الشيخ حسن البري، وعشيرة النعيم يتزعمها الشيخ نواف جبارة، وعشيرة جبور العجيل يتزعمها طارق سويدان، وعشيرة الويسات يتزعمها قصي الويسي، وعشيرة البطوش يتزعمها هزاع شيلي اليونس، وعشيرة النعيم يتزعمها الشيخ صالح النعيمي، وعشيرة عنزة يتزعمها الشيخ متعب السمير، وجميع هذه العشائر هي قبائل ويتفرع عنها عدة عشائر، ولكل عشيرة شيخ يتزعمها العشيرة ويتم تنصيب الشيخ بناء على ترشيح وجهاء في العشيرة.
هذه العشائر جميعها تمتد في العراق، وحتى أحياناً إلى تركيا حيث تم تتريك العرب، ولكنهم ما يزالون يجهلون حتى اليوم سبب تحدثهم باللغة العربية بطلاقة، بحسب ما نقلته إحدى الصديقات التي تنقلت بينهم.
-كاتبة صحفية، عضو في الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين / ماجستر في العلاقات الدولية من جامعة LAU