الأربعاء 10 كانون الثاني , 2024 03:21

معهد واشنطن: ارتفاع شعبية حزب الله داخل المجتمع اللبناني

مسيرة لحزب الله ترفع فيها الأعلام اللبنانية وأعلام حزب الله

مع تزايد الأسئلة في الداخل اللبناني حول احتمالية حدوث حرب واسعة النطاق في ظل المعركة القائمة بين حزب الله وكيان الاحتلال الإسرائيلي، التي ينحصر نطاقها في القرى الحدودية، والمستوطنات المتاخمة للشريط في الجبهة الشمالية الإسرائيلية. نشر "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" washingtoninstitute)) نتائج استطلاع، شمل عينة تمثيلية وطنية من 1000 مواطن لبناني. وقام المعهد بهذا الاستطلاع خلال الفترة الممتدة من 14 تشرين الثاني، حتى الـ 6 من كانون الأول، وذلك في ظل معركة طوفان الأقصى التي بدأت يوم 7 تشرين الأول الماضي.

ما أبرز ما ورد في نتائجه؟

 - "ارتفاع شعبية حزب الله في لبنان عن آخر استطلاع في سنة 2020".

يخوض حزب الله المعركة حالياً ضمن "حسابات مضبوطة" وتشكل إسناداً ودعماً لغزة وتخفيفاً عنها، كما يحمي معادلة الردع في لبنان، في هذا الإطار، شكّلت مساهمة حزب الله في معركة طوفان الأقصى دفاعاً عن الشعب الفلسطيني، إلى تأييد من المجتمع اللبناني لخياره بالمشاركة، بالإضافة إلى اعتبار سلاح المقاومة العامل الحاسم في حماية لبنان ضد الأطماع الإسرائيلية ومشاريعها في المنطقة.

- يتفق معظم اللبنانيين على أن "إسرائيل ضعيفة ومنقسمة لدرجة أنه يمكن هزيمتها يوماً ما". وحازت معركة طوفان الأقصى تأييداً واسعاً بين اللبنانيين بمختلف مذاهبهم، فتبلورت صورة واضحة عن ترهّل الكيان وانقساماته السياسية والعسكرية، وهذا المشهد أعطى أملاً واقعياً قابلاً التحقق بهزيمة إسرائيل. وانسحب ذلك على تأييد حركة حماس فبحسب الاستطلاع "يعبر 79٪ من اللبنانيين عن رأي إيجابي تجاه حماس" مما يدل على دعم حماس على نطاق أوسع من السابق في المجتمع اللبناني.

- هناك إجماع ساحق في لبنان (99%) على أن الدول العربية يجب أن تقطع فوراً جميع اتصالاتها مع كيان الاحتلال احتجاجاً على عملها العسكري في غزة. وقد حوّلت عملية طوفان الأقصى مسار التطبيع بين الكيان الإسرائيلي والسعودية إلى مجازفة غير محسوبة، وخصوصاً مع ازدياد مناهضة إسرائيل في الرأي العام العربي، نتيجة جرائم كيان الاحتلال اليومية في قطاع غزة، وأثّر ذلك على رؤية شرائح عديدة من المجتمع اللبناني فيما يتعلق بخيار التطبيع التي انتهجته بعض الدول العربية.

-"54%؜ من المسيحيين اللبنانيين يوافقون على أن الحرب الحالية انتصار للفلسطينيين والعرب والمسلمين، على الرغم من الدمار والخسائر في الأرواح". الوجود المسيحي متجذر في المنطقة، ولطالما عبّر عن عروبته وتأييده ومشاركته في مناصرة القضية الفلسطينية، وصناعة النهضة العربية. في مقابل ذلك، تخفت أصوات داعية إلى حالة مسيحية انعزالية ومتقوقعة مسلوخة عن محيطها كما خطاب "الأقليات المذعورة" الذي أطلقه السياسي اللبناني فارس سعيد في فيديو مسرّب على منصة "إكس".

- هناك تحول ملحوظ في المجتمع اللبناني بعيداً عن الولايات المتحدة ونحو القوى الأخرى، فبعد عامين ارتفعت نسبة أولئك الذين يوافقون على العبارة القائلة بأن "بلادنا لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام، لذا يجب علينا أن نتطلّع أكثر إلى روسيا أو الصين كشركاء". يأتي هذا الطرح متوافقاً مع ما تبنّاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالتوجّه شرقاً الذي يعد خياراً استراتيجياً تحوّلياً كبديل عن الارتباط الاقتصادي والسياسي مع الولايات المتحدة الأميركية التي لم تكن يوماً إلا رأس الهيمنة المناقض لسيادة لبنان.

شكل طوفان الأقصى ارتفاع تأييد حزب الله في المجتمع اللبناني بشكل لافت، وذلك بسبب التفاف عدد كبير من المواطنين اللبنانيين حول فعّالية المقاومة المسلحة لدفع العدوان، والذي بذل في سبيلها حزب الله عشرات الشهداء على طريق القدس. كما نجحت حماس في إعادة إحياء القضية الفلسطينية في قلب الأمّة العربية، والذي يشكل المسيحيون جزءاً أساسياً منها، وأظهرت الإسرائيلي في موقف الضعف والانقسام. تظهر نتائج الاستطلاع أيضاً فشل البروباغاندا الغربية والعربية في إبعاد العديد من الشرائح اللبنانية عن حزب الله أو تشويه حركة حماس.

وجاء طوفان الأقصى في وقت وصل فيه مسار التطبيع بين السعودية والكيان الإسرائيلي إلى مراحل متقدمة، لكن بالاستناد إلى الاستطلاع، يبدو أنه سيواجه عند إعادة طرحه بعد الحرب بمعارضة واسعة، وسيؤثر ذلك على صورة المملكة العربية السعودية في لبنان، الذي ارتفع فيه دعم خيار التوجه شرقاً نحو روسيا والصين، مع انخفاض تأييد خيار الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية.


الكاتب: حسين شكرون




روزنامة المحور