الخميس 18 كانون الثاني , 2024 02:58

خطاب الإبادة الجماعية في دعوى جنوب أفريقيا

بنيامين نتنياهو

"نحن نقاتل الحيوانات البشرية" العبارة البربرية التي أطلقها وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، عقب العملية النوعية في 7 تشرين الأول، المقولة تكشف مضامين الخطاب الإعلامي الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، والذي أنتج مسوّغات نفسية بالإبادة الجماعية عبر تجريد الآخر الفلسطيني من إنسانيته، في هذا الإطار، قدّمت جنوب أفريقيا في الدعوى بنداً يتعلق بالخطاب الإعلامي الإسرائيلي، الذي يشمل تصريحات المستويات العليا في الكيان، أي الأوصاف التي وردت على ألسنة مسؤولين إسرائيليين في أكثر من مناسبة خلال حرب غزة.

الدعوى والنية في ارتكاب الإبادة الجماعية

بحسب نص الدعوى التي أشارت إلى الدلائل على نية ارتكاب الإبادة الجماعية في 67 تصريحاً لمسؤولين إسرائيليين "كانت الأدلة على النية المحددة للمسؤولين الإسرائيليين لارتكاب والاستمرار في ارتكاب أعمال إبادة جماعية أو الفشل في منعها كبيرة وصريحة منذ أكتوبر 2023. هذه التصريحات عند دمجها مع مستوى القتل والتشويه والتشريد والدمار على الأرض، إلى جانب الحصار تشهد على إبادة جماعية مستمرة ومتطورة". وأشارت الدعوى أن التصريحات "تشكل تحريضاً واضحاً ومباشراً وعلنياً على الإبادة الجماعية من دون معاقبة المحرّضين من قبل السلطات الإسرائيلية". تجدر الإشارة إلى أن الدعوى اعتمدت أيضاً على تقارير المنظمات الإنسانية والإغاثية والتي تثبت الإبادة الجماعية. في هذا الإطار، يعتبر المحلل السياسي في موقع "والاه" براك رافيد، أن "التصريحات غير المسؤولة لرئيس الوزراء والوزراء وأعضاء الكنيست ساهمت فيما حدث اليوم (جلسة المحكمة الدولية)".

خطاب التفوّق الإسرائيلي

في 16 تشرين الثاني 2023 في خطاب رسمي للكنيست الإسرائيلي، وصف رئيس الوزراء نتنياهو الصراع بأنه "صراع بين أبناء النور وأبناء الظلام، بين الإنسانية وقانون الغاب"، كما عاد إلى هذه النقطة في رسالته "لعيد الميلاد"، قائلاً: "نحن نواجه وحوشاً، وحوشاً قتلت الأطفال أمام والديهم...هذه معركة ليست فقط إسرائيل ضد البرابرة، بل معركة الحضارة ضد الهمجية".

الرئيس الإسرائيلي هو واحد ضمن جيش من المصرّحين، الذين يتبوؤون مراكز قيادية استخدموا التضليل الإسرائيلي كسلاح تمهيدي للقتل، نذكر منهم وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والحرب يوآف غالانت الذي صرّح مؤخراً "لا توجد حرب عادلة وأخلاقية أكثر من هذه الحرب، ولا جيش أكثر أخلاقية من الجيش الإسرائيلي" يتّسق هذا الخطاب مع الشعور بالذات المهيمنة (منظومة أخلاقنا تتفوّق على منظومتكم) في هذا السياق، استخدم الإسرائيليون منطوقات تقوم على ثنائية نحن والآخر مثل الخير/الشر، الحضارة/البربرية...خطاب استعماري، استعلائي، يستلب القيم الإنسانية ويرمي الآخر بالوحشية مع نزع الأنسنة عنه، لتبرير إبادته.

في خضم معركة طوفان الأقصى فشل الخطاب الإسرائيلي الإعلامي الموجّه إلى الداخل الإسرائيلي، أو تجاه محور المقاومة، بل فشلوا في مخاطبة الشعوب الغربية، تماماً كما أخفقوا في مواجهة حماس عسكرياً، في مقابل هذا الخطاب المضطرب، فإن خطاب المقاومة على لسان أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب القسّام، جاء متسماً بالتماسك وضبط النفس وآلف بين النفوس العربية والمسلمة والأحرار في العالم.

بالإضافة إلى أن ردة الفعل الإسرائيلية الهمجية وخطابها غير الموزون خلق خطاباً جماهيرياً عالمياً ظهر عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وفي العواصم والمدن العالمية تعبيراً عن التضامن مع أهالي غزة، كما شكّل تحولاً كبيراً في الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، وفضحَ الأكاذيب الإسرائيلية. ومؤخراً انقلبت هذه الخطابات على ناطقيها، وأصبحت سلاحاً في يد فريق الادعاء ضد "إسرائيل" في المحكمة الدولية.


الكاتب: حسين شكرون




روزنامة المحور