الأربعاء 28 شباط , 2024 02:22

الانتخابات الايرانية: انقسام اصلاحي لصالح المحافظين!

تشهد الجمهورية الإسلامية في إيران انتخابات تشريعية يوم الجمعة في 1 آذار/مارس القادم. يتنافس في هذا الاستحقاق 15.200 مرشح بينهم 1824 امرأة على 290 مقعداً. وتنقسم اللوائح التنافسية بين التيارين المحافظ الثوري والمعتدل في ظل انقسام داخل التيار الإصلاحي حيث الخلافات بين صقوره هي من الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى عزوف بعضهم عن المشاركة. ويشير مراقبون إلى ان دعم بعض الإصلاحيين للائحة المعتدلين، قابله رفض من آخرين، وعلى رأسهم المتحدث باسم الجبهة الإصلاحية جواد إمام.

يحق لـ 61 مليون و172 ألف و298 ناخب إيراني المشاركة في الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الشورى الإسلامي أي البرلمان، لدورته الـ12 لولاية 4 سنوات. كما سيجري بالتزامن انتخاب أعضاء مجلس خبراء القيادة في دورته السادسة، وهو يضم 88 عضواً.

تتركز المنافسة بين 4 لوائح:

-اللائحة الأولى وهي تحالف مشترك بين رئيس مجلس الشورى محمد باقر قليباف ومرتضى آغا تهراني، وهي اللائحة المشتركة "لتحالف القوى الثورية وجبهة الصمود".

-اللائحة الثانية وهي اللائحة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية برئاسة النائب حميد رسائي.

-لائحة الوحدة للمبدئيين برئاسة وزير الخارجية الأسبق منوجهر متكي.

-لائحة صوت الشعب، للتيار المعتدل والمدعومة من الإصلاحيين، برئاسة النائب علي مطهري.

يرتكز البرنامج الانتخابي للوائح المحافظين على تعزيز الاقتصاد الوطني وتقويض العقبات المعيشية. إضافة للتعامل البنّاء مع الدول الغربية وفقاً لمصالح الشعب الإيراني، وتعزيز سياسة التوجه شرقاً وهذا ما يخدم أيضاً هدفهم المتمثل بمناهضة الهيمنة الأميركية، كما تعزيز قدرات "محور المقاومة في مواجهة الاحتلال".

بالمقابل، يقوم خطاب التيار الإصلاحي على سردية "خفض التوتر" في علاقات طهران الخارجية، وتعزيز مكانة البرلمان في إدارة البلاد، وحلحلة المشكلات المعيشية والاهتمام بهواجس الشباب.

الخلاف الإصلاحي بين المشاركة والمقاطعة

في 12 شباط/فبراير الجاري، أصدر 110 شخصية إصلاحية بياناً حثوا فيه المؤيدين للتيار في البلاد على المشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة. وجاء في البيان الذي أثار جدلاً واسعاً في أوساط الإصلاحيين، ان "ممارسة التصويت يمكن أن تكون طريقة للتعبير عن اعتراض لا يمكن تبريره على هذه الممارسات، فضلا عن مقاومة إيجابية أو سلبية لتغييرها التدريجي". وأشار إلى ان "التصويت، بكافة أشكاله حتى لو كان احتجاجيّاً من الممكن أن يحقق الحد الأدنى من الأهداف والتوقعات... وهذا ما لن تؤمّنه المقاطعة". ودعا الموقعون على البيان ضرورة "تبني الواقعية لا المثالية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد". معتبرين أن "صناديق الاقتراع تمثل الخيار الأقل كلفة لإحداث أي تحول وتغيير".

زاد هذا البيان من إرباك جمهور الإصلاحيين، بدعوته إلى "فتح كوة" والمشاركة الفاعلة في الانتخابات. وهذا ما عارضه المتحدث باسم الجبهة الاصلاحية جواد إمام بشدة، وفتح الباب أمام الحديث عن انقسام حاد في صفوف الإصلاحيين ما جعل مؤيديهم أكثر تشتتاً وأقل ايماناً بصوابية طروحاتهم.  

كما كل استحقاق انتخابي، ينكب الإصلاحيون على استغلال الأوضاع الاقتصادية في البلاد بسبب العقوبات الغربية الأميركية على البلاد، والتصويب على أداء الحكومة، لهندسة خطاب انتخابي شعبوي. لكن هذه المرة، لم ينجح هذا الخطاب بشد شريحة واسعة من الشعب الإيراني. حتى ان نسبة التصويت التي تشكل أحد اهم المعايير لنجاح هذا الاستحقاق، يعمل الاصلاحيون على خفضها نتيجة فشلهم في التوصل لإجماع فاعل يخوضون به هذه الدورة.

وتكمن أهمية هذه الانتخابات في أمرين:

بالنسبة للانتخابات البرلمانية، فإن كسب المحافظين للأغلبية، يحافظ على التماهي والانسجام بين مؤسسات الدولة، أي بين الحكومة ومجلس الشورى الذي وصفه قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي بأنه "مجلس ثوري" وهذا نادراً ما كان يحصل في دورات انتخابية سابقة.  في حين، ان ذهاب الأغلبية للاصلاحيين او "المعتدلين" بغطاء إصلاحي، يعني الذهاب لمرحلة من المناكفة السياسية قد تقضي بعرقلة عدد من القوانين.

بالنسبة لانتخابات مجلس خبراء القيادة، الذي تستمر ولايته 8 سنوات متتالية، تتلخص أهميته هذه المرة بأنه يوكل إليه مهمة انتخاب الولي الفقيه قائد الثورة الإسلامية. من جهته، شدد السيد الخامنئي الذي تولى هذه المسؤولية عام 1989، على ضرورة التصويت. وقال خلال استقباله جمعاً من الشباب الناخبين للمرة الأولى، أن "الانتخابات المقبلة يجب أن تُجرى بمشاركة شعبية عالية لإنقاذ البلاد ولدفعها الى الأمام". مشيراً إلى ان "الانتخابات مصلحة وطنية لإيران.. والمشاركة القوية فيها ضرورية ... الانتخابات القوية والحاشدة، هي إحدى أركان الإدارة الصحيحة للبلاد، كما أنها ركن أساسي للتطوير، وإحدى أهم الطرق لمواجهة العقبات أمام مسيرتنا".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور