حظيت "إسرائيل" بفرصة دعم دولية نادرة على مختلف المستويات الرسمية، والشعبية إلى حدٍّ ما في الغرب خلال الأيام الأولى لعملية طوفان الأقصى. لكن سرعان ما تحول المشهد إلى حملة شعبية مضادة، تصاعدت بعد انكشافٍ فاضح للخطاب السياسي والإعلامي الغربي المنحاز لصالح إسرائيل. أما على المستوى الرسمي فبعد المواقف المؤيدة بشدّة للحرب الإسرائيلية على غزة، بدأت المواقف الغربية الرسمية تشهد تحولات تحت تأثير الضغط الشعبي وتلافٍ للإحراج السياسي.
ظهر ذلك بشكل واضح من خلال الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، ومعالجة الأزمة الإنسانية والمجاعة، وإثارة المخاوف بشأن هجوم بري محتمل في رفح. لكن يبدو أن المواقف المتتالية الأوروبية والأميركية الأخيرة تأتي ضمن حملة ضغوط سياسية على كيان الاحتلال، عرّابها بايدن عنوانها الانتخابات الأميركية. في هذا الصدد، كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن مطلعين بأن بايدن بدأ يصرخ ويشتم عندما أخبره مساعدوه أن أرقام استطلاعاته انخفضت بسبب تعاطيه مع مسألة غزة.
ترامب لنتنياهو "عد إلى عالم السلام"
دعمت واشنطن الحرب الإسرائيلية على غزة مالياً وعسكرياً وسياسياً وإعلامياً، أي على مختلف المستويات، وذلك من خلال حزم مساعدات بمليارات الدولارات، ودعم عسكري منقطع النظير، واستخدام حق النقض ضد قرارات وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة، وغيرها من أشكال الدعم.
ولكن مع استمرار الحرب في شهرها السادس واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني، بدأ بايدن وترامب، يعيدان تعديل خطابهما السياسي على وقع الأحداث الدموية التي يرتكبها الاحتلال، ويبدو أن الضغط الشعبي المتزايد بشأن الكارثة الإنسانية التي لحقت بالفلسطينيين يدفع أيضاً بهذا الاتجاه.
في هذا السياق، دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بنيامين نتنياهو إلى "إنهاء الحرب سريعا" في غزة. وقال في مقابلة مع "فوكس نيوز" رداً على سؤال بشأن الرسالة التي يود إرسالها إلى نتنياهو بشأن الحرب في غزة" سأقول له: إنهِ ذلك وافعله بشكل سريع.. وعد إلى عالم السلام". وأضاف:" نحن نحتاج السلام في العالم".
وتعهد ترامب باستعادة السلام في الشرق الأوسط بعد فوزه في انتخابات الرئاسة المقبلة، قائلا" سأفعل شيئين، سأعمل من اليوم الأول وقبل تسلم منصبي رسمياً، على وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.. واستعادة السلام في الشرق الأوسط".
تصريح المفوضية الأوروبية
بدأ يتشكل الرأي العام الأوروبي المناهض لإسرائيل مع تزايد القناعة المدعومة بالوقائع، بتجاوز الانتقام الإسرائيلي حدوده المعقولة، بالإضافة إلى المشاهد الدموية والارتفاع اليومي للضحايا المدنيين، وهو ما أدى لفقدان الراوية الإسرائيلية حول هجوم 7 أكتوبر زخمها. لقد أنتجت آلة القتل الإسرائيلية وما شكلته من فظائع بحق المدنيين في غزة رواية بديلة للرأي العام المتضامن مع فلسطين تتجاوز حدث 7 أكتوبر.
في هذا السياق صرّحت رئيسة مفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأحد، إن "قطاع غزة يواجه مجاعة ولا يمكن أن نقبل بذلك". وشددت فون دير لاين، على ضرورة "حماية المدنيين، ومنع التهجير القسري للفلسطينيين من غزة". وحذّرت رئيسة المفوضية الأوروبية من عملية عسكرية على مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة. كما صرّح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: "نشهد مجاعة في غزة تؤثر على آلاف الأشخاص ولا يمكننا الوقوف متفرجين بينما يجوع الفلسطينيون".
ألمانيا أقوى حلفاء إسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة
بعد هجمات 7 أكتوبر، كان المستشار أولاف شولتس أول زعيم أوروبي يصل إلى إسرائيل. وكانت ألمانيا مترددة في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وامتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة، بل وقالت إنها ستتدخل لصالح إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
لكن يوم أمس، أبدى المستشار الألماني أولاف شولتس قلقه من "التكلفة الباهظة للغاية" للهجوم الإسرائيلي على حماس في غزة، قائلاً إن العالم لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي بينما يتضور الفلسطينيون جوعاً في القطاع.
وأضاف شولتس بعد محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس أنه عبّر خلال الاجتماع عن مخاوفه إزاء ارتفاع عدد القتلى المدنيين وعدم وصول كميات كافية من المساعدات إلى غزة حيث تقول وكالات إغاثة إن مجاعة تلوح في الأفق.
وفي حين عبّرت دول كثيرة عن مخاوف من ارتفاع عدد القتلى، فإن تحذير المستشار الألماني قوي بدرجة لم يعتد عليها في مواقفه السابقة، التي أكد فيها على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم حماس على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
الكاتب: غرفة التحرير