تقدّم الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" بشكل منتظم مساعدات تركّز على التهديدات الأمنية المستجدة، لسد الفجوات الأمنية في قدرة الكيان على الاستجابة للتحديات الجديدة في سياق الحفاظ على "التفوق العسكري النوعي" لإسرائيل، وهو مصطلح يشير إلى التطور التقني للمعدات الدفاعية لكيان الاحتلال في مواجهة جيرانه.
في هذا الإطار، وافق مجلس النواب الأمريكي بتاريخ 20/4/2024، على حزمة جديدة من المساعدات الأمنية لإسرائيل. وأقر مجلس النواب الأمريكي حزمة المساعدات الأمنية بأغلبية 366 صوتًا مقابل 58، توفر 26.4 مليار دولار لمساعدة إسرائيل، يزعم المجلس أنها ستدعم "جهودها في الدفاع عن نفسها ضد إيران ووكلائها، ولتعويض العمليات العسكرية الأمريكية ردًا على الهجمات الأخيرة".
ويشمل التمويل 4 مليارات دولار لنظامي الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، و1.2 مليار دولار لنظام الدفاع "الشعاع الحديدي"، الذي يتصدى للصواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون. وتشمل الحزمة 4.4 مليار دولار لتجديد المواد والخدمات الدفاعية المقدمة لإسرائيل، و3.5 مليار دولار لشراء أنظمة أسلحة متقدمة وعناصر أخرى من خلال برنامج التمويل العسكري الأجنبي.
بالإضافة إلى المساعدات الأمنية ومبيعات الأسلحة، تشارك الولايات المتحدة في مجموعة متنوعة من التبادلات مع الكيان، بما في ذلك التدريبات العسكرية مثل جونيبر أوك وجونيبر فالكون، فضلاً عن الأبحاث المشتركة وتطوير الأسلحة.
صدى المساعدات في إسرائيل
رحب المستوى السياسي الإسرائيلي بمصادقة مجلس النواب الأميركي على خطة مساعدات عسكرية وأمنية واسعة، التي أقرّت بدعم النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وغرّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حسابه في منصة إكس "لقد وافق الكونغرس الأميركي بأغلبية كبيرة على قانون المساعدات الذي يحظى بتقدير كبير، والذي يعكس المساعدات القوية من الحزبين لإسرائيل ويحمي الحضارة الغربية، شكرا أميركا".
ومن الجانب الأمني، كتب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على حسابه في إكس قائلاً "عندما تواجه إسرائيل تهديدات من 7 جبهات، من بينها إيران، فإن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل".
فاعتُبر ذلك من جهة استكمالاً لعمق العلاقات ومتانة التحالف بين البلدين، تحالف ممتد منذ تأسيس الكيان عام 1948، تخلله العديد من اتفاقيات التعاون الدفاعية الثنائية وحزمات مساعدات عسكرية هائلاً بشكل دوري، حتى أصبحت إسرائيل أكبر متلقٍ تراكمي للمساعدات العسكرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
ومن جهة أخرى رسالة إلى إيران وحلفائها في المنطقة (ينص قانون الولايات المتحدة صراحة على أن الولايات المتحدة يجب أن تمنح إسرائيل "ميزة عسكرية نوعية" على جيرانها لمواجهة تهديد من "أي دولة أو تحالف محتمل من الدول أو الجهات الفاعلة غير الحكومية").
في هذا السياق، اعتبر المحللون الإسرائيليون أن هذا الدعم يأتي في إطار تمكين إسرائيل على جبهتي غزة ولبنان، لكن يعكس تبعية تل أبيب لواشنطن، وعدم قدرتها على الاستغناء عن دعم الولايات المتحدة من مساعدات مالية وعسكرية.
الحق في الدفاع عن النفس
أشاد بايدن بالمشرعين من كلا الحزبين، قائلا إنهم "في نقطة المنعطف الحاسمة هذه، اجتمعوا معا للرد على نداء التاريخ". وفي بيان صدر بعد التصويت، قال العديد من النواب، بمن فيهم ألكساندريا أوكازيو كورتيز، وجواكين كاسترو، وبراميلا جايابال و16 آخرين: "نحن نؤمن بقوة بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس وانضممنا إلى زملائنا سابقاً في التأكيد على واجبنا المشترك. الالتزام… جميعنا ندعم تعزيز القبة الحديدية وأنظمة الدفاع الأخرى، ونحن ملتزمون بمستقبل سيادي وآمن لإسرائيل".
لكن وسط هذا التأييد والاحتفاء، كان لجزء من الأميركيين رأي آخر، حيث صدر يوم أمس عن حزب الديمقراطيين الاشتراكيين في أمريكا بيان أكد حق إيران في الدفاع عن نفسها وطالب بوقف التطهير العرقي في القدس. تجدر الإشارة إلى أن الحزب أعضاؤه أكثر من 120 ألف، ويتيح للأعضاء فيه الترشح للكونغرس على ورقة الحزب الديمقراطي. ومن بين اعضاء الحزب أعضاء الكونغرس رشيدة طليب، جمال باومان، كوري بوش، اوكاسيو كرتيز وآخرون، وهو أكبر أحزاب اليسار الأمريكي.
وأعتبر البيان في ختامه بأن "التصريحات المستمرة عن الدعم لإسرائيل تترك الباب مفتوحاً أمام التصعيد الجامح. ومع عبور قوات الاحتلال الإسرائيلي الحدود اللبنانية في الأيام الأخيرة، وتكثيفها للقصف على جنوب لبنان، واستمرار الإبادة الجماعية في غزة، فإن إسرائيل تجر الولايات المتحدة إلى دوامة موت أكبر. وتكرر منظمة DSA IC المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإنهاء جميع المساعدات العسكرية". في هذا الصدد، تشهد هذه الأيام الجامعات الأميركية احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين وتدعو لوقف فوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
مع مجيء إدارة بايدن إلى السلطة ظهر واضحاً أن السلوك الأميركي في دعم إسرائيل عسكرياً وأمنياً أخذ في الاتساع، وتطوّر بعد عملية طوفان الأقصى، معتبرةً أن دعم الكيان عسكرياً يدخل في إطار حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، وفي إطار الشراكة والتعاون مع الاحتلال وتحقيق الأمن القومي الأميركي وأمن إسرائيل في المنطقة. ويعد القرار الأخير بتصديق الكونغرس على حزمة مساعدات جديدة لإسرائيل حلقة من ضمن سلسلة التورّط الأميركي في حرب غزة.
الكاتب: غرفة التحرير