لا يمكن قراءة عملية طوفان الأقصى إلا من خلال العودة إلى اليوم الذي تلا معركة "سيف القدس" (2021)، حيث راجعت المقاومة الدروس المستفادة وأعادت صياغة الاستراتيجية الكبرى التي أعدتها وفقًا للعِبر المستخلصة وتقييم الأداء على جميع المستويات (التكتيكي - التعبوي – الاستراتيجي). كانت هذه الفترة التي تتراوح بين سنتين وأربعة أشهر، حافلة بالاختبارات وعمليات دراسة مكونات العقل العسكري الإسرائيلي بعد سيف القدس، فقد تابعت المقاومة الفلسطينية المعلومات الدقيقة وصولًا إلى المستوى الذي شهدناه فجر 7-10-2023.
ففي هذه المعركة، امتلكت المقاومة لأول مرة عنصر المبادرة، ما لعب دورًا في تطوير فكرة المبادرة والمباغتة. وقبل معركة سيف القدس، وخلال مسيرات العودة (2018) اخترق المدنيون السياج بشكل متكرر وتجاوزوا أجهزة المراقبة "الحساسات" وإجراءات الحماية المختلفة، الأمر الذي استفادت منه المقاومة في تطوير فكرة اجتياز السياج. وبالفعل، بدأت عملية التخطيط والتحضير لإسقاط فرقة غزة والسيطرة على المستوطنات، حينها رسمت المقاومة خارطة طريق جهادية تأخذ الأحداث إلى حيث أرادت المقاومة اليوم؛ وذلك عندما قامت مجموعة من المقاتلين يتراوح عديدها ما بين كتيبة ولواء بإعداد هذه القطعة العملياتية الباهرة.
في هذا الإطار، نقدم لكم كتاب بعنوان "الغزو الخائب تحليل المواجهة البرية في قطاع غزة" الذي يتناول الجذور التأسيسية لطوفان الأقصى، والمعارك والتكتيكات التي خاضتها المقاومة الفلسطينية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بالإضافة إلى فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، ومصفوفة الفشل المتراكم لجيش الاحتلال، وغيرها من العناوين التي تغطّي مدة الاجتياح البري الإسرائيلي من 27/10/2023 حتى 16/7/2024.