الثلاثاء 15 تشرين أول , 2024 05:24

الحرب على لبنان.. حزب الله يصعّد والتسلل الإسرائيلي ينكفئ مجدداً

عمليات حزب الله في جنوب لبنان

اقتصرت يوم أمس الإثنين 14 تشرين الأول/أكتوبر العمليات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني على محوري عيتا الشعب ومركبا، ويمكن القول بأن عمليات التسلل تراجعت مقارنةً بالأيام السابقة، على الرغم من أن جيش الاحتلال يعيد الكرّة كل يوم بمحاولة الدخول إلى قرى الجنوب، وتعيد المقاومة إجباره على الانكفاء بالتصدّي في مختلف النقاط الحدودية.

عمليات المقاومة

قبل أن يصحو الاحتلال من صدمة الضربة التي استهدفت قاعدة لواء "غولاني" جنوب حيفا ليل الأول من أمس، أدخلت المقاومة أمس مليوني إسرائيلي في نحو 200 مدينة وبلدة ومستوطنة إلى الملاجئ بعدما دوّت صفارات الإنذار في كل مدن الشمال وصولاً إلى تل أبيب بعد إطلاق صواريخ باليستية من لبنان. وأعادت المقاومة اليوم استهداف ضواحي تل أبيب بصلية صاروخية، وفي عملية أخرى، أسقطت طائرة مسيّرة إسرائيلية من نوع "هرمز 450".

وفيما استطاعت المقاومة احتواء الاحتلال في محور مركبا – ميس الجبل، فإنها لا زالت تتصدّى له في عيتا الشعب، الذي جرب حتى الآن معظم تكتيكات التقرب والاختراق والهجوم عليها -ما يشير إلى أهميتها الإستراتيجية- وأفشلت المقاومة محاولتي تسلل فجراً وعصراً فتكبد جيش خسارة ناقلة جند وطاقمها، وسعت المقاومة إلى تدمير العتاد العسكري وإيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوف القوات الإسرائيلية.

وأعاد الجيش الإسرائيلي محاولاته مساءً، باستخدام الدروع، حيث حاول بعدة آليات اقتحام البلدة، فتصدت له المقاومة واعطبت له ثلاث دبابات تابعة للواء الرابع واشتبكت معه حتى قبيل منتصف الليل وأجبرته على التراجع.

وكان يوم أمس قد شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً وسريعاً من قبل المقاومة الإسلامية ضد أهداف إسرائيلية على امتداد واسع من الجبهة اللبنانية، وغطت الهجمات منطقة جغرافية واسعة، من مزارع شبعا شرقًا إلى الساحل غرباً، ومن الحدود اللبنانية جنوباً إلى عمق فلسطين المحتلة، واستهدفت الهجمات مواقع عسكرية (ثكنات، تجمعات قوات، مواقع رادار) ومستوطنات مدنية وبنية تحتية عسكرية (قاعدة بحرية).

وتوزعت عمليات حزب الله يوم أمس بين القصف الصاروخي 21 عملية من أصل 31، القصف المدفعي 6، عمليات الهجوم بصواريخ موجهة عملية واحدة، الاشتباك المسلح عملية واحدة، صد محاولة تسلل 3 عمليات. وعلى الرغم من هيمنة القصف الصاروخي، إلا أن حزب الله وظّف تكتيكات أخرى مثل القصف المدفعي والاشتباك المسلح وصواريخ موجهة، ما يشير إلى مرونة تكتيكية مرتفعة.

الإعلام الإسرائيلي

 تهدف كثافة الهجمات إلى استنزاف القوات الإسرائيلية وتشتيت جهودها على جبهات متعددة. وفي هذا السياق، بدأ الإعلام العبري بتحويل خطابه، واعتبر أن مشهد يوم أمس "يشير إلى أن حزب الله تعافى من الصدمات واستعاد زمام المبادرة إلى حد كبير، وبات يفرض وقائع جديدة". وأكدت اليوم وسائل إعلام إسرائيلية أخرى أن حزب الله يملك مخزوناً هائلاً من الصواريخ والقذائف وطائراته المسيرة تهدد "إسرائيل" وقواتها وقواعدها بشكلٍ متزايد. وقالت قناة "كان" الإسرائيلية إنّه وبعد عام من الضربة العسكرية الأصعب والأكثر إذلالاً التي تلقتها "إسرائيل"، ترفض القيادة التعلم من أخطائها.

وأضافت أنّ كبار المسؤولين في الجيش أطلقوا خطاباً متعجرفاً مفاده أنّ حزب الله ينهار مثل "بيت من ورق"، مضيفة أنّ هذه النغمة تكررت خلال السنوات الماضية مع حماس.

وسلّط محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، آفي أشكنازي، الضوء على الكارثة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي محذّراً من الانغماس بوحل حرب الاستنزاف مقابل حزب الله، ومؤكداً أن المعركة طويلة وأضاف "إنّ الشعور بالنشوة الذي انتاب الجيش الإسرائيلي بعد الضربة القوية التي تعرض لها حزب الله في الأسابيع الأخيرة، سرعان ما دفع الجيش الثمن، حيث يتلقى ضربات في كل الاتجاهات".

التحرّك الدبلوماسي

أما عن الحلول الدبلوماسية والتحرّك الدولي متعددة الجنسيات لبلوغ تسوية سياسية توقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، فلا تبدو مجدية حتى الآن، حيث تشوبها نقاط ضعف تجعلها قاصرةً عن إحراز أي تقدم في اتجاه وقف إطلاق النار، وأولها الموقف الأميركي الذي يشجّع "إسرائيل" على الاستمرار في عدوانها. يشار في هذا السياق، إلى أن وزارة الخارجية الفرنسية أعلنت بالأمس انّها ترفض مطالبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسحب قوات اليونيفيل من مواقعها في لبنان، وقال وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو انّه "لا يمكن ضمان أمن اسرائيل بالقوة فقط" مشيراً إلى أنه وجّه دعوات لنظرائه الأوروبيين للمشاركة في مؤتمر باريس لدعم لبنان، الذي سيقام بتاريخ24 تشرين الأول/أكتوبر 2024.

يمتلك حزب الله القدرة على شن هجمات واسعة النطاق وتوجيه ضربات مؤلمة لإسرائيل، ومن ضمن هذه القدرات خوض معارك برية بفعالية وتكبيد الاحتلال الإسرائيلي خسائر بشرية ومادية، ويرجّح أن تتكثّف حدّة العمليات العسكرية للمقاومة، إن كانت بالتصدّي لمحاولة التوغّل الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية، أو استهداف المستوطنات الإسرائيلية، لكن من السابق لأوانه التنبؤ بتداعيات هذا التصعيد على المدى الطويل. وحاولت المقاومة الإسلامية خلال المواجهات يوم أمس واليوم تحقيق أهداف عسكرية ونفسية متعددة، من خلال توظيف مجموعة من التكتيكات الهجومية، مع التركيز على استهداف القوات الإسرائيلية بشكل أساسي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور