يحمل أهالي الأسرى مطلبهم الوحيد منذ 109 أيام، وسط فشل قيادتهم في تحقيق هدفها الأول منذ بداية معركة طوفان الأقصى، في هذا الإطار، أثناء انقاد اجتماع للجنة المالية في الكنيست اقتحم العشرات من أهالي وعائلات الأسرى الاجتماع، رافعين لافتات كتب عليها "لن تجلسوا هنا ما داموا يموتون هناك"، ويصرخون "أعيدوهم جميعاً الآن، فالأسرى يعودون إلينا بالتوابيت". عكس هذا المشهد حالة الفوضى التي يعيشها الكيان، والتشتت بين القيادة والجمهور، في هذا السياق، يبدو أن "إسرائيل" تعيش أضعف مراحلها، نتيجة انسداد الرؤى السياسية، وارتفاع أعداد القتلى ميدانياً (قتل ليلة الثلاثاء 24 جندياً إسرائيلياً في معركة خان يونس)، أما عن الجبهة الداخلية فيبدو أن مسار الاحتجاجات والخلافات السياسية والشعبية ستتسع مع الأيام من دون أفق واضح وقد تؤدي إلى إعادة تعريف العلاقة بين المواطن والدولة عبر عقد اجتماعي جديد في ظل تناقضات العلمانيين الليبراليين والجماعات الدينية وتدهور الثقة بالقيادة السياسية.
في موازاة ذلك، أعلن نتنياهو رفضه صفقة الأسرى المطروحة والتي بموجبها يعود جميع الأسرى من غزة على مدار تسعين يوماً، حيث قال "لا يوجد هناك أيّ مقترح حقيقي من جانب حماس، بخلاف ما يتمّ الحديث عنه"، وفي محاولة منه لتخفيف حدة الغضب ومعارضته الجماهيرية استدعى أهالي عائلات الأسرى للاجتماع معه وطرح مواقفه أمامهم معلناً "هناك مبادرة من جانبنا ولن أخوض في تفاصيلها".
في الجهة المقابلة، تحاول حماس من خلال نشر تسجيلات للأسرى والرهائن، التأثير على عائلاتهم والتي بدورها تضغط على القيادة السياسية لإنجاز صفقة تبادل لتحريرهم. وفي السياق، قال المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة في آخر كلمة ألقاها بمناسبة مرور مئة يوم على اندلاع الحرب، إنّ "مصير العديد من الأسرى الإسرائيليين صار مجهولاً خلال الأسابيع الماضية"، وأضاف أنّ "العديد من الأسرى قد قُتلوا والاحتلال يتحمل مسؤولية مصيرهم". وتوجّه الحركة رسائل لعائلات الإسرائيليين المحتجزين، من وقت إلى آخر، عبر تسجيلات بعنوان "حكومتكم تكذب" أو "الوقت ينفذ"، وختمت إحدى رسائلها المصورة بعبارة "في الماضي والآن مرة أخرى، نتنياهو وحكومته غير مهتمين بعودة أبنائكم وأحبائكم... لا تنسوا... الوقت يمضي ويتلاشى".
أثار الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاق بين "إسرائيل" وحماس على تهدئة لمدة شهرين مقابل عملية تبادل أسرى الكثير من الاهتمام، كما تداولت وسائل الإعلام العبرية أنباءً عن مباحثات تجريها الولايات المتحدة وقطر ومصر، لدفع دولة الاحتلال وحركة حماس إلى التوصّل إلى صفقة تبادل، لكن يبدو أنها وئدت في مهدها بعد إعلان هيئة البث الرسمية الإسرائيلية بأن "نتنياهو أبلغ الوزراء أن المرحلة الثالثة من الحرب على غزة ستستغرق نصف عام". في المقابل، تشترط حركة حماس عدم التفاوض لإطلاق سراح الأسرى والرهائن قبل وقف نهائي لإطلاق النار، وترفض أي صفقة تبادل شاملة في مقابل وقف جزئي للحرب (هدنة).
بناء على ذلك، سيعلّق مجدداً تنفيذ صفقة تبادل أسرى بين حماس والكيان، في ظل التعنّت الإسرائيلي باستمرار العدوان على غزة... وسيتجدد غضب و"صراخ" أهالي الأسرى الإسرائيليين في وجه نتنياهو.
الكاتب: حسين شكرون