السبت 04 أيار , 2024 12:43

هل تستخدم أميركا المحكمة الجنائية كعصا ضد نتنياهو؟

بنيامين نتنياهو وفي الخلفية جو بايدن ومحكمة الجنائية الدولية

بعد تعثُّر مسار محكمة العدل الدولية في وقف جريمة الإبادة في قطاع غزة على الأقل في المدى المنظور، بدا مسار التحرك أمام المحكمة الجنائية الدولية الممكن قانونياً وحقوقياً لملاحقة ومحاسبة قادة الكيان الصهيوني على جرائمهم بحق السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

مسار المحكمة الجنائية الدولية وأهميته في هذه المرحلة

واقعياً لا يُستبعد أن تكون الولايات المتحدة هي من يقف وراء عزم المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع الإشارة إلى أن أي تحرك قضائي ضد الكيان المؤقت يتسم بالبطء الشديد. ويذهب الاعتقاد إلى أنّ الولايات المتحدة هي من حرّكت هذا الملف للضغط على نتنياهو للكف عن عناده والقبول بصفقة تبادل، إلى جانب التفاهم حول اجتياح رفح جنوبي قطاع غزة.

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الممسكة بزمام المحكمة الجنائية الدولية، ولديها قرار بألا تستمر الحرب على غزة، وربما في هذه المرحلة هي تريد تطويع نتنياهو، لذلك هناك نوع من تصفية الحسابات الداخلية في الكيان، ومحاولة الاستفادة مما يجري.

إنّ التلويح بورقة المحكمة الجنائية الدولية هو آخر المطاف، وقد افتعل الآن من أجل إجبار نتنياهو على حل في غزة، فنتنياهو اليوم أمام معضلة "إما يحاكم بالخارج أو تنهار حكومته ويحاكم داخلياً.

إنّ تحرك المحكمة الجنائية الدولية ضد قادة الكيان المؤقت وارد لأنه يرتكز على ما يسمى الدائرة التمهيدية داخل المحكمة التي تتولى إصدار مذكرات التوقيف مثلما حدث مع الرئيس السوداني المعزول عمر البشير والرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين.

صحيح أنّ المحكمة تتعرض لضغوط سياسية كبيرة، لكن إصدارها سابقاً أوامر اعتقال لرؤساء دول يقوي موقفها، خاصة أنها تعد حديثة وتحاول أخذ شرعية دولية وملاحقة الأفراد المتورطين. وتبدو اليوم سمعة هذه المحكمة على المحك.

إنّ الكيان المؤقت اليوم، يواجه لأول مرة في تاريخه إمكانية إصدار مذكرات اعتقال لقيادته، وعلى المحكمة الجنائية الدولية الاستفادة من قرار محكمة العدل الدولية بشأن قضية الإبادة في غزة لإصدار أوامر التوقيف. وبالتأكيد أنّ الإسراع في إيقاف الحرب سيسرّع بدوره من إصدار مذكرات الاعتقال لأن الضغط السياسي سوف يقل على المحكمة.

المخاوف الإسرائيلية

في إشارة لدور الإدارة الأمريكية في تحريك المحكمة الجنائية الدولية في هذا التوقيت المفصلي من الحرب، تشير بعض الأوساط الإسرائيلية القلقة والمربكة بسبب هذا التحرك إلى:

- إنه تسونامي سيجتاح كل شيء: سيضر بفرص إعادة المخطوفين (الأسرى)، وسيدفن التطبيع مع السعودية، وسيؤدي إلى وقف فوري لمدفوعات إسرائيل (المالية من أموال الضرائب) إلى السلطة الفلسطينية.

- إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن، هو الوحيد الذي يمكنه إيقاف هذا المسار، لكنه حالياً لا يمتنع عن استمراره.

- انتقاد الإدارة الأميركية بسبب عدم اتخاذها موقفاً واضحاً ضد فكرة إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو، وغالانت، وهليفي.

- إن المحكمة لن تصدر مذكرات الاعتقال من دون دعم علني أو سري من الولايات المتحدة. "أين الرئيس الأميركي بايدن؟ ولماذا يصمت في حين أن إسرائيل قد تكون تحت التهديد؟"

- هناك خشية إسرائيلية فعلية من أن هذا الإجراء قد يحدث في الأيام المقبلة، وربما حتى قبل نهاية هذا الشهر.

- نتنياهو بنفسه يجري محادثات كثيرة حول هذه المسألة، ومن يقوم بتنسيق المعالجة هو رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي. وهو لديه مخاوف كبيرة من هذه الإمكانية، ومحاولاته العمل على جميع القنوات الدبلوماسية والسياسية من أجل إحباط خيار أن يقوم المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية كريم خان، بإصدار مذكرات الاعتقال.

- هناك إشارات وصلت للكيان من جهات قضائية كبيرة أن المدعي العام أصبح "ناضج" لاتخاذ هذا القرار.

ختاماً، من الجدير الإشارة أنّ المحكمة الجنائية الدولية احتاجت أسبوعين فقط لإدانة بوتين في حربه على أوكرانيا، لكنها لم تتحرك ضد نتنياهو رغم دخول الحرب شهرها السابع. ويبدو هناك استثمار سياسي داخل الكيان المؤقت لتطويع نتنياهو، تقف خلفه الولايات المتحدة التي استمرت في ابتلاع إهانات "إسرائيل" من أجل إبقاء العلاقة الإستراتيجية العميقة مع واشنطن.





روزنامة المحور