قدمت حركتا المقاومة حماس والجهاد الإسلامي الرد على المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن، للوسطاء. وعلى عكس رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي، وافقت المقاومة على المقترح بعد إجراء بعض التعديلات عليه، وهو ما اعتبره بنيامين نتنياهو "رفضاً"، ليس لجديد قدمته الفصائل، التي تحتفظ بخطوطها الحمراء منذ بداية جولات التفاوض، بل لأجندة سياسية شخصية تخص نتنياهو وحده، لا تضع وقف إطلاق النار ضمن أولوياتها.
تسلم الوفدان القطري والمصري الرد على المقترح الأميركي. وكما كان متوقعاً، أصر الجانب الفلسطيني على ضرورة تبيين كل النقاط وازاحة أي التباس عن أي من البنود منعاً للتأويل والمناورة الإسرائيلية فيما بعد. ركز المقترح الذي قدمه بايدن في 31 أيار/ مايو على تفاصيل تبادل الأسرى وجاء في الوثيقة التي سميت بـ "المبادئ الأساسية للاتفاق على تبادل المحتجزين والأسرى وعودة الهدوء المستدام" بند يتضمن "إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الموجودين في قطاع غزة من مدنيين وجنود سواء أكانوا على قيد الحياة أم غير ذلك، وبغض النظر عن تاريخ أو فترة احتجازهم، وذلك مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية". في حين أدخلت المقاومة بعض التعديلات بما يتوافق مع ما الخطوط الحمراء ورؤيتها أيضاً "لليوم التالي"، والتركيز بطبيعة الحال على وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.
وبحسب المعلومات الواردة فإن الفصائل أجرت بعض التعديلات: خلال المرحلة الأولى، يدخل وقف إطلاق النار المؤقت حيز التنفيذ، وينسحب جيش الاحتلال من المناطق السكنية المأهولة محاذاة الخط الفاصل بما في ذلك محور فيلادلفيا ومعبر رفح، ويفسح المجال لعودة النازحين لشمال القطاع وضمان حرية التحرك في جميع مناطقه.
خلال المرحلة الثانية، يدخل وقف إطلاق النار الدائم حيز التنفيذ قبل تبادل الأسرى، وينسحب جيش الاحتلال من كافة مناطق القطاع.
وفيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، قدمت حركتا حماس والجهاد مقترحاً يتضمن إطلاق سراح أسير مدني مقابل الافراج عن 30 أسيراً فلسطينياً. وإطلاق سراح كل مجندة أسيرة مقابل 50 أسيراً فلسطينياً بينهم 30 من أصحاب المؤبدات. كما طالبت المقاومة برفع العقوبات التي تم اتخاذها بحق جميع الأسرى الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر الماضي.
في حين تشمل المرحلة الثالثة بدء عملية إعادة إعمار القطاع وإنهاء الحصار.
وأكدت المقاومة رفضها وضع أي "فيتو" على أسماء الأسرى الفلسطينيين، متمسكة بالقوائم التي تقدمها والتي تستند إلى مبدأ الأقدمية.
خلال زيارته إلى كيان الاحتلال، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للصحفيين إن نتنياهو "أكد من جديد التزامه بالخطة، التي قدمها بايدن كاقتراح إسرائيلي". وعلى الرغم من أن مسؤولين إسرائيليين اعترفوا بقبول الاقتراح من قبل مجلس الحرب، إلا أن الخطة أثارت رد فعل عنيف من الفصائل اليمينية المتطرفة في الحكومة، حيث هدد حزبان قوميان متطرفان بالإطاحة بنتنياهو إذا قبلها.
ثمة من يقول أن ما أبداه نتنياهو لبلينكن لم يكن حقيقة ما يرغب. بل ان قبول الأول بالصفقة، كان تعويلاً على رفض حماس لها من جهة، وكسب وقت إضافي حتى لا يتعرض لمزيد من الضغوط الأميركية، على الرغم من أنه كان يحضر مختلف الظروف لرفضها، كالتأييد اليميني لاستمرار الحرب. ففي الوقت الذي صرّح البيت الأبيض بأنه تسلم وسيأخذ "الوقت الكافي لتقييم ردّ حماس بالطريقة المناسبة، ومن ثم معرفة الخطوات التالية"، اعتبر نتنياهو أن "رد الحركة هو رفض لخطة لبايدن".
هذا التباين في المواقف بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، والذي وصل إلى نقطة متقدمة، سيترجم خلافاً أكثر حدة، كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية وبدأت استطلاعات الرأي تحصي خسائر بايدن على صعيد السياسة الخارجية تحديداً.
الكاتب: غرفة التحرير