الخميس 22 آب , 2024 03:56

ثورة الحريديم: اشتباكات غير مسبوقة بين المتدينين والشرطة

مظاهرات الحريديم والاشتباك مع الشرطة

تصاعدت الاحتجاجات في الأسابيع الماضية التي يقودها الحريديم رفضاً لمحاولة الجيش تجنيدهم، وإلزام عدد منهم بالخدمة العسكرية. وكان آخرها وأعنفها يوم أمس الأربعاء، إذ نشبت صدامات غير مسبوقة بين مئات المتظاهرين وعناصر الشرطة الإسرائيلية بالقرب من مكتب للتجنيد في القدس. وأظهرت مقاطع مصورة عدداً من الحريديم وهم يغلقون شوارع في محيط المكتب، ويشتبكون مع الشرطة.

في 29 تموز/يوليو الماضي، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر استدعاء لألف من أفراد الحريديم، بعد أن قررت المحكمة العليا الإسرائيلية إلزام هذه الفئة بالتجنيد في الجيش، ومنع المساعدات المالية عن المؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية. أتى هذا القرار متوافق مع مطالب الأحزاب غير الدينية التي تنادي بفرض التجنيد على المتدينين من أجل تقاسم الأعباء الناتجة عن الحرب.

عادت أزمة الحريديم إلى الواجهة بقوة خلال الحرب على ضوء تفاقم أزمة جيش الاحتلال العددية مع استمرار اعتدائه على قطاع غزة، واستنزافه في جبهة الإسناد الشمالية منذ ما يقرب 11 شهراً، وسط رفضهم التجنيد في الجيش المأزوم على صعيد عديد جنوده. فكان لا بد من الاستعانة بموارد بشرية جديدة إلى جانب القوات النظامية والاحتياط. ولا يخفي الاتجاه الليبرالي واليساري داخل المجتمع الإسرائيلي استياؤه بافتقاده للشعور بالمساواة وتقاسم أعباء الحرب مع هذه الفئة التي تحافظ على كافة الانظمة والقوانين الوارد ذكرها في التوراة والكتب الدينية المقدسة، وتعارض بشدة إحداث أي تغيير فيها. وتشكل فئة الحريديم نحو 13% من عدد سكان إسرائيل البالغ 10 ملايين نسمة، ويعتبرون أن الاندماج بالعالم العلماني يهدد هويتهم الدينية واستمرارية مجتمعهم.

وفي هذا السياق، تحدثت وسائل إعلام العدوّ الإسرائيلي باستغراب عن امتثال 7 حريديم فقط، أمس الأربعاء، لمكتب التجنيد في القدس. وفي تقريرها، أشارت إلى نسبة الذين امتثلوا للتجنيد منذ قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، قائلة باستهجان: "امتثل 70 حريديًا فقط من أصل 1100".

وخلال مظاهرة يوم أمس الأربعاء هتف المتظاهرون بعدّة شعارات منها "سنموت ولن نلتحق بالجيش"، و"النازيون" و"إلى السجن وليس إلى الجيش". وقام بعضهم بأعمال شغب وحاولوا اختراق حواجز الشرطة الإسرائيلية، التي واجهتهم بمدفع المياه والضباط الخيالة، في محاولة للسيطرة على الاحتجاج.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مواجهات اندلعت بين الحريديم الرافضين للخدمة وعدد من المتظاهرين الإسرائيليين المطالبين بتجنيدهم؛ حيث وصلوا إلى الموقع لدعم الذين استجابوا لأوامر الاستدعاء والالتحاق بالخدمة العسكرية.

وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان لها بأنه "جرى شتم الشرطة بعبارة نازيين وغيرها، مع محاولات لاقتحام سياج الشرطة باتجاه مكتب التجنيد ومحاولات إغلاق شارع يافا، وبعد أن أعلن ضابط شرطة للمشاركين في المظاهرة أنه احتجاج غير قانوني بسبب أفعالهم، بدأ الضباط بدفعهم إلى جانب الشارع".

ثورة الحريديم المستمرة تشكل معضلة داخلية إسرائيلية لا حل لها، فستبقى التوترات بينهم وبين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والجيش تتأجج بين الحين والآخر، في ظل أزمات داخلية أخرى تدفع نحو تفكك المشروع الصهيوني من الداخل، أو بالحد الأدنى بذور انقسام داخلي تأثيراته خطيرة على المدى البعيد قد لا تستطيع الدولة احتواء تداعياته.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور