الإثنين 18 تشرين ثاني , 2024 04:01

القائد محمد عفيف النابلسي: شهيداً عظيماً على طريق القدس

الشهيد القائد محمد عفيف النابلسي

الشهيد القائد محمد عفيف النابلسي، أو كما كان يٌلقب طوال مسيرته المقاومة بالحاج محمد عفيف، هو أحد القادة الإعلاميين في المقاومة منذ الطلقات الأولى عام 1982، وواحد من مؤسسي المنظومة الإعلامية في مواجهة الكيان المؤقت، قبل أن يصبح شهيداً عظيماً على طريق القدس.

لذلك، نال الحاج محمد عفيف وسام الشهادة التي كان يسعى إليها، بعدما ظنّ الاحتلال أن باغتياله سيتمكن من توجيه ضربة قاسية للمقاومة ببعدها الإعلامي، لكنه لا يعلم بأن بذلك سيكون عامل قوة لا ضعف، بحيث تولّد دماء الشهيد محمد عفيف دفعة معنوية هائلة لهذا البعد، لكي يواصل مواجهته لكيان الاحتلال الإسرائيلي بعزم وإصرار أكثر.

وقد نعاه شقيقه الشيخ صادق النابلسي خلال التشييع كاشفاً بأن "الشهيد رفض ترك هاتفه لأنه كان في قلب المعركة وكان يدرك أنه في مواجهة حادة ولم يكتف بالتفرج". مضيفاً بأن "الشهيد ترك كل وظائف الدنيا وحمل البندقية في مواجهة العدو"، وبأنه "شكل جبهة إعلامية ولا تخيفنا كل تهديدات العدو ونحن لن نتراجع ومصرون على قول كلمة الحق". أمّا عن تأثير الشهادة فقال الشيخ النابلسي بأنه "مع كل شهيد.. نقترب أكثر من النصر والإنجاز العظيم"، مبيّناً بأن شقيقه الشهيد كان "رفيق سماحة السيد نصر الله وكان مستعداً للشهادة ولم يخف أبداً من تهديدات العدو"، وأنه "كان صوت حق في وجه المنظومة الإعلامية الظالمة ويصبو لهدف دحر العدو وإزالته من الوجود".

فما هي أبرز المحطات في مسيرة الشهيد محمد عفيف الإعلامية المقاومة؟

_يعدّ من الجيل المؤسس لحزب الله في لبنان، وكان قد بدأ عمله الإعلامي في الحزب منذ عام 1983. وهو من كتب أول بيان حول عملية الاستشهادي أحمد قصير في 11/11/1982، على أحد أرصفة الطرق.

_كان مقربا من الأمناء العامين لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي الذي اغتالته إسرائيل في شباط / فبراير عام 1992، والسيد الشهيد حسن نصر الله (كمعاون إعلامي له)، الذي اغتالته إسرائيل في 27 أيلول / سبتمبر 2024.

_خلال حرب تموز / يوليو 2006، تولى إدارة الأخبار والبرامج السياسية في قناة المنار، وشارك في إدارة التغطية الإعلامية طوال فترة الحرب، رغم إقدام إسرائيل على استهداف وتدمير مقر القناة في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت.

_ عُيّن في العام 2014 في منصب مسؤول العلاقات الإعلامية للحزب، إضافة إلى عمله كمعاون إعلامي للسيد نصر الله.

طوال مسيرته الإعلامية الجهادية، كان من مسؤولي إدارة الرسائل الإعلامية الموجهة للجمهور، كما تولى مسؤولية الإشراف على الحرب الإعلامية والنفسية الموجهة ضد إسرائيل، وساهم في صياغة المواقف السياسية والإستراتيجية للحزب، وتبيين الحقائق لجمهور المقاومة، خاصةً خلال معركة طوفان الأقصى واغتيال السيد الشهيد حسن نصر الله، حينما عقد ثلاث مؤتمرات صحفية توضيحية لجرائم الاحتلال من جهة، ولإنجازات المقاومة الميدانية من جهة أخرى. وكان آخر المؤتمرات في 11/11/2024، حيث أكد خلاله بأن مخزون سلاح المقاومة كاف لحرب طويلة.

_ اغتيل خلال معركة أولي البأس، في 17 تشرين الثاني / نوفمبر 2024 بغارة إسرائيلية استهدفت مبنى تابعا لحزب البعث في منطقة رأس النبع في العاصمة بيروت، وقد أسفرت عملية الاغتيال عن ارتقاء 4 شهداء بينهم امرأة وإصابة 14 جريحاً بينهم طفلان.

_ نعته المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله ببيان وصفته فيه بالقائد الإعلامي الكبير والشهيد العظيم على طريق القدس. وقد جاء في البيان: "لقد التحق الحاج محمد عفيف، كما تمنى، برفاق دربه وبحبيب قلبه وأبيه الذي كان يحب أن يسميه بهذا الاسم، الشهيد الأسمى سماحة السيد حسن نصرالله. كان يستمدُ من حكمته قوة، ومن توجيهاته رؤية وبصيرة ونورًا. لقد كان مثال الأخ الوفي، والعضد القوي، وأمينًا على صوت المقاومة، وركنًا أساسيًا في مسيرة حزب الله الإعلامية والسياسية والجهادية.

هو الذي لم ترهبه تهديدات العدو بالقتل، واجهها ببأسٍ شديد وبعبارته المشهورة: "لم يخفنا القصف فكيف تخيفنا التهديدات". أصر بشجاعته المعهودة على الحضور الإعلامي الجريء لمواجهة الآلة الإعلامية الإسرائيلية، ونقل صوت المقاومة وموقفها، ورسم معالم المعركة القائمة بكل وضوح من خلال إطلالاته الحية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت.

كان يرسم بقلمه النيّر ومواقفه الشجاعة أحرف المجد والانتصارات، ويدب الرعب في نفوس العدو، يخط بأوتار صوته عزف الموت لبيتهم الواهن. بندقية كلماته كانت تقتلهم، وصوته السيف كسر جبروتهم، كان ينقل ما يفعله الكربلائيون في الميدان، ويسطر ملاحمهم في الإعلام، فكان حقًا أسد ميدان الإعلام، وهو الذي صدح بصوتٍ عالٍ في أذان العدو وقلوبهم قائلاً: "المقاومة أمة، والأمة لا تموت"".

_ وصفه الناطق باللغة العربية باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيخاي أدرعي بأنه "مسؤول وحدة الدعاية في حزب الله الإرهابي والناطق باسمه"، موحياً بأن عملية الاغتيال تمت بتوجيه استخباري دقيق لهيئة الاستخبارات العسكرية. فيما يعلم الجميع في وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية، ان الاتصال الخليوي معه لم ينقطع أبداً طوال فترة العدوان الإسرائيلي، وهذا ما يسهّل تقفي أثره واغتياله. وبالتالي لم تحقّق إسرائيل أي إنجاز في ذلك، بل إن عملية الاغتيال تحسب جريمة أخرى من جرائمها ضد الأفراد العاملين في وسائل الإعلام.

وقد وصفه أدرعي بأنه كان يشكل عنصرًا مركزيًا حظي بتأثير كبير على أنشطة حزب الله العسكرية. مضيفاً بأن الشهيد وفي إطار عمله كان على التواصل مع جهات رفيعة المستوى للترويج والتخطيط والإشراف على أعمال عسكرية. كما وجّه في إطار منصبه نشطاء المقاومة في الميدان للحصول على مشاهد ميدانية. زاعماً بأن الشهيد تلقى تعليمات من كبار قادة الذراع العسكرية للحزب بخصوص تبني عمليات عسكرية ومن ضمنها عملية إطلاق المسيرة نحو منزل رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو في قيساريا في 19 تشرين الأول / أكتوبر الماضي.

_ نعته العديد من الأحزاب والجهات والشخصيات اللبنانية والفلسطينية والإيرانية وفي محور المقاومة، الذين أدانوا عملية الاغتيال، ومؤكّدين بأنها لن تسكت صوت المقاومة.


مرفقات


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور