الثلاثاء 17 كانون الاول , 2024 01:48

طهران تايمز: لماذا لن يختفي نفوذ إيران في غرب آسيا؟

لغمام الخامنئي ومنطقة غربي آسيا

يناقش هذا المقال الذي نشره موقع "Tehran times" وترجمه موقع الخنادق، ما يزعمه بعض الخبراء بأن نفوذ إيران سيختفي في منطقة غربي آسيا، على إثر التطورات التي حصلت في سوريا. ويعالج هذا المقال هذه الإشكالية انطلاقاً من أنه على النقيض من النهج الانتهازي لبعض اللاعبين الإقليميين لناحية إعطاء الأولوية للمكاسب قصيرة الأجل، فإن رؤية إيران لسوريا تعطي الأولوية للاستقرار والسيادة والتنمية طويلة الأجل. وأن إيران لطالما دعت وتدعو باستمرار إلى حل سياسي يحترم سلامة أراضي سوريا ويمكّن شعبها من إعادة بناء دولتهم، بعكس باقي الأطراف الإقليمية والدولية. وتتوقع كاتبة المقال سهيلة زرفام، بأن سوريا ستعاني من عدم استقرار بسبب التدخلات الخارجية.

النص المترجم:

تحاول مقالة نشرتها مؤخرا مجلة "Foreign Affairs" تقديم رواية، مفادها أن دور إيران في سوريا قد تضاءل بسبب النفوذ التركي المتزايد في أعقاب سقوط الرئيس بشار الأسد.

ويسلط غالب دالاي في مقاله "كيف يمكن لسوريا ما بعد الأسد أن تطلق العنان لنظام إقليمي جديد" الضوء على ظهور حكومة بقيادة هيئة تحرير الشام في دمشق، وتوازن القوى المتغير في بلاد الشام، والولاءات المتغيرة للجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية. ويشير المقال إلى أن هذه التغييرات تقوض دور إيران وتعيد تشكيل مكانة سوريا داخل منطقة غربي آسيا الأوسع.

ومع ذلك، فإن هذه الرواية لا تبسط التعقيدات الجيوسياسية فحسب، بل إنها تعمل أيضًا على إدامة منظور متعالي، يقلل من شأن الدول ذات السيادة ونضالاتها، إلى أوراق مساومة في أيدي القوى الخارجية.

في حين أن سقوط الأسد يمثل بلا شك نقطة تحول في تاريخ سوريا، إلا أنه ليس انتصارًا قاطعًا لتركيا ولا خسارة دائمة لإيران. إن التغيرات الجارية في سوريا تسلط الضوء على تعقيدات السياسة الإقليمية، حيث تظل إيران لاعباً رئيسياً يتمتع بنفوذ عميق الجذور.

ويتناول المقال التغيرات في التحالفات في غرب آسيا والطموحات التركية المتجددة. لا شك أن هذه التطورات أعادت تشكيل المشهد السياسي في سوريا وجيرانها. ومع ذلك، فإن تأطير هذه التحولات باعتبارها هزيمة حاسمة لإيران يفشل في تفسير مرونة استراتيجية إيران الإقليمية وقدرتها على التكيف.

انضمام هيئة تحرير الشام إلى المقاومة: جوهري أم رمزي؟

يزعم المقال أن الحكومة التي تقودها هيئة تحرير الشام قد تتحدى إسرائيل بشأن ضمها لمرتفعات الجولان وتقدم دعماً عضوياً للقضية الفلسطينية، وتضعها في موقف حليف "أكثر أصالة" للفلسطينيين من إيران. ويبدو أن هذا الادعاء تبسيطي ومضلل.

إن التزام إيران المستمر منذ عقود بالقضية الفلسطينية موثق جيداً، ويتسم بدعم ثابت لجماعات مثل حزب الله والجهاد الإسلامي التي تؤكد معارضتها الراسخة للعدوان الصهيوني.

إن تحالف هيئة تحرير الشام المزعوم مع القضية الفلسطينية من غير المرجح أن يترجم إلى عمل ذي معنى. إن اعتمادها على تركيا يقوض مصداقيتها كفاعل مستقل في المقاومة. ويشير تاريخ تركيا في التعاملات البراغماتية مع إسرائيل وعلاقاتها الغربية إلى أن موقف هيئة تحرير الشام المناهض لإسرائيل قد يكون رمزيًا أكثر من كونه جوهريًا. في المقابل، تظل إيران الركيزة الأساسية للمقاومة، مما يضمن عدم استغلال النضال الفلسطيني لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل.

حدود التدخل الخارجي

ويشير المقال إلى أن الديناميكيات الإقليمية الحالية تمثل نقطة تحول حيث قد تعمل قوى أخرى، وخاصة الدول العربية وتركيا، على تهميش دور إيران في سوريا. ومع ذلك، يتجاهل هذا التفسير السياق التاريخي والجيوسياسي الأوسع.

لأكثر من عقد من الزمان، أثبتت إيران قدرتها على تحمل الضغوط الخارجية والتكيف مع الظروف المتغيرة. إن علاقاتها الاقتصادية والثقافية والعسكرية العميقة مع سوريا، والتي تشكلت خلال سنوات الحرب وإعادة الإعمار، توفر لها أساسًا من النفوذ لا يمكن إزاحته بسهولة.

وعلاوة على ذلك، فإن الانقسامات بين هيئة تحرير الشام والفصائل الكردية في الشمال الشرقي والجماعات القومية الأخرى تجعل من غير المرجح أن يتمكن أي طرف منفرد من تعزيز سيطرته على البلاد.

رؤية الاستقرار والمقاومة

على النقيض من النهج الانتهازي لبعض اللاعبين الإقليميين، فإن رؤية إيران لسوريا تعطي الأولوية للاستقرار والسيادة والتنمية طويلة الأجل. لقد دعت إيران باستمرار إلى حل سياسي يحترم سلامة أراضي سوريا ويمكّن شعبها من إعادة بناء دولتهم. يتناقض هذا النهج بشكل حاد مع الاستراتيجيات الاستغلالية للجهات الفاعلة التي تسعى إلى تعزيز أجنداتها الخاصة على حساب سوريا.

تسلط المقارنات التي أجراها المقال بين الوضع الحالي في سوريا وتفتت ليبيا الضوء على مخاطر التدخل الخارجي. إذا استمرت الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية في إعطاء الأولوية للمكاسب قصيرة الأجل على الحلول المستدامة، فقد تواجه سوريا فترة طويلة من عدم الاستقرار والانقسام. يقدم التزام إيران بمبادئ السيادة وتقرير المصير بديلاً قابلاً للتطبيق، يركز على المصالحة وإعادة الإعمار.

يبسط تصوير المقال لموقف إيران في سوريا حقيقة معقدة. في حين قد يبدو سقوط الأسد وصعود هيئة تحرير الشام بمثابة إشارة إلى تحول في الديناميكيات الإقليمية، فإن الصورة الأوسع تحكي قصة مختلفة. إن تجاوزات تركيا، ومستقبل هيئة تحرير الشام غير المتوقع، ونفوذ إيران الدائم يضمن أن مستقبل سوريا لا يزال بعيدًا عن التحديد.

تظل إيران ملتزمة بقوة بمبادئ السيادة والمقاومة والاستقرار. لقد أظهر التاريخ أن التدخل الخارجي لا يمكن أن يحقق الاستقرار الدائم.


المصدر: طهران تايمز - Tehran times

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور