انسحاب موسكو من اتفاقية الحبوب بين اتهامات الغرب والشكاوى الروسية

صورة معبرة عن القمح الأوكراني

يبدو أنّ أسعار الحبوب العالمية ستظلّ متقلبة حتى يتمكن السوق من فك رموز التأثير النهائي لانسحاب روسيا من مبادرة الحبوب في البحر الأسود، والتي تضمن من خلالها موسكو سلامة تصدير الحبوب خلال العملية العسكرية على أوكرانيا. إذ بدأت الأسعار العالمية للحبوب تشهد تدهورًا منذ ان أعلنت روسيا انسحابها من الاتفاقية. وسيكون السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت أوكرانيا ستواصل التصدير عبر البحر الأسود في ظل المخاطر الأمنية لممر الحبوب،

على الرغم من أن أوكرانيا طيلة الحرب كانت تحاول تأمين طرق للتصدير بعيدًا عن موانئ الحبوب على البحر الأسود، إلا أنها لا يمكن أن تكون بديلًا عنها. ففي حين انتقل 40% من القمح الأوكراني والحبوب والبذور التي يصنع منها الزيت عبر البحر الأسود في الفترة الأخيرة، انتقل الباقي عبر الطرق والسكك الحديدية إلى أوروبا الشرقية وعبر نهر الدانوب، الذي زادت قدرته التصديرية منذ بدء الحرب، لكن المزيد من التوسع سيستغرق وقتًا. إلى ذلك، تعتبر أوكرانيا ثاني مصدّر للقمح والحبوب في العالم.

سفينة شحن حبوب أوكرانية عبر البحر الأسود

لماذا انسحبت روسيا؟

ارتفعت أسعار الحبوب وبرزت أزمة غذاء عالمية بعد توقف شركات التأمين عن التعامل مع السفن الأوكرانية على البحر الأسود بسبب المخاطر الأمنية من ضربات عسكرية روسيا هناك لدى بدء العملية العسكرية على أوكرانيا.  فتوسطت الأمم المتحدة وتركيا فيما سمي "مبادرة حبوب البحر الأسود"، والتي تسمح بتصدير المواد الغذائية والأسمدة من ثلاثة موانئ أوكرانية لمدة 3 سنوات. في المقابل تحصل روسيا على:

 - إعادة البنك الزراعي الروسي (Rosselkhozbank) إلى نظام الدفع SWIFT.

- استئناف الإمدادات إلى روسيا من الآلات الزراعية وقطع الغيار.

- رفع القيود المفروضة على التأمين والوصول إلى الموانئ للسفن والبضائع الروسية.

- استئناف خط أنابيب الأمونيا من Togliatti في روسا إلى أوديسا في أوكرانيا.

- إلغاء حظر الحسابات والأنشطة المالية لشركات الأسمدة الروسية.

ولكن في  13 يونيو حزيران الفائت، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا تدرس الانسحاب من اتفاق الحبوب المبرم في البحر الأسود لأن الغرب خدع موسكو بعدم تنفيذ أي من الوعود بنقل السلع الزراعية الروسية إلى الأسواق العالمية. وذلك في اجتماع لمراسلي الحرب الروس والمدونين العسكريين. وقال: "لسوء الحظ، تعرضنا للغش مرة أخرى - لم يتم فعل أي شيء فيما يتعلق بتحرير إمدادات الحبوب إلى الأسواق الخارجية. كان هناك الكثير من الشروط التي كان على الغربيين الوفاء بها تحت قيادة الأمم المتحدة ولكن لم يتم فعل شيء". وفي حين أن صادرات روسيا من الغذاء والأسمدة غير خاضعة للعقوبات من قبل الغرب، إلا أن القيود التي يفرضها على المدفوعات والخدمات اللوجستية والتأمين تشكل حواجز أمام الشحنات.

حفارة تحمل الحبوب في سفينة شحن في ميناء الحبوب في أوكرانيا

الاتهامات الغربية

يتهم الغرب والأمم المتحدة روسيا بأنها تستغل أزمة إنسانية للوصول إلى أهدافها، ويقول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن الحبوب من أوكرانيا لعبت دورا مهما في جهوده لتوزيع الغذاء على المحتاجين. وتقول الوكالة التابعة للأمم المتحدة إن مبادرة الحبوب سمحت لها بشحن أكثر من 725 ألفًا و200 طن من الحبوب لتخفيف الجوع في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إلى أفغانستان وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن. وتركزت المقالات التي تتحدث عن ماذا يعني انسحاب روسيا من صفقة الحبوب للعالم، تركزت على النكبة التي سيتعرّض لها الفقراء حول العالم بسبب تعطيل جهود الإغاثة، ما سيؤدي إلى تهديد للأمن الغذائي العالمي. فبالإضافة إلا أن الاتفاق كان حاسمًا في استقرار أسعار الغذاء العالمية، فهو أيضًا يوفر ما يقارب 45% من استهلاك الحبوب حول العالم. دون التطرق إلى إخلال الغرب بالمعاهدة.

الشكاوى الروسية

في المقابل، قال بوتين بأن "لا شيء تقريبًا يذهب إلى الدول الإفريقية". واشتكى بوتين من أن روسيا تعرضت للخداع من قبل الغرب لأن صادراتها لا تزال تواجه مشاكل.

وقال بوتين إن روسيا وافقت على الاتفاق فقط من أجل دول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية لكن ما بين 3.2 و3.4 في المئة فقط من الحبوب يذهب إلى أفقر دول العالم بينما يذهب 40 في المئة إلى دول مزدهرة. ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فإن حوالي 3٪ من الصادرات بموجب اتفاق البحر الأسود ذهبت إلى البلدان منخفضة الدخل، في حين أن البلدان ذات الدخل المرتفع تحصل على حوالي 44٪ والباقي إلى الدول متوسطة الدخل.

وأخيرًا، يلمح الغرب إلى أنّ أي إعفاءات منها لروسيا بموجب الاتفاقية ستصبح باطلة وتبطئ قدرات روسيا التصديرية، في حين لا يشعر الروس أنهم سيخسرون شيئًا. وعلى الرغم من أن بعض صادرات الحبوب من أوكرانيا ستستمر عبر الطرق البرية عبر الدول المجاورة، فمن المتوقع أن تنخفض الأحجام بشكل كبير ما لم يتمكن الدبلوماسيون من إيجاد طريقة لاستعادة صفقة البحر الأسود.


الكاتب:

زينب عقيل

- ماستر بحثي في علوم الإعلام والاتصال.

- دبلوم صحافة.

- دبلوم علوم اجتماعية. 




روزنامة المحور