السبت 27 كانون الثاني , 2024 12:31

ما هي عناوين الخلافات بين أركان الحكومة الإسرائيلية؟

نتنياهو وفريقه السياسي على شماله وخصومع عن يمينه

تتشعّب الخلافات الإسرائيلية حول القضايا الأساسية فيما يتعلق بالحرب على غزة من حيث جدوى استمراريتها وأولوية استرجاع الأسرى، كما تنقسم المواقف حول فتح حرب في الجبهة الشمالية أو اللجوء إلى الحلول الدبلوماسية.

خلافات أفضت إلى مشادات وشجار بدأ من الأيام الأولى لمعركة طوفان الأقصى ولا يزال مستمراً بوتيرة تصاعدية. تسريبات صحفية يومية تلقي الضوء على مدى هشاشة حكومة الاحتلال، وتصارع أطيافها على معضلة اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتحمّل المسؤوليات السياسية منها والعسكرية، في هذا الإطار يمكننا تقسيم القيادات المؤثرة على مجريات الحرب إلى مجموعتين:

- المجموعة الأولى تضم: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير الحرب يوآف غالانت، وزير المالية، وعضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية  بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ورئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي، وزير الحرب السابق وعضو الكنيست أفيغدور ليبرمان.

- المجموعة الثانية تضم: الوزير الإسرائيلي وعضو مجلس الوزراء الحربي غادي أيزنكوت، عضو حكومة الطوارئ بيني غانتس، ورئيس المعارضة يائير لابيد .

 وفيما يلي اتجاهات وديناميات الخلافات الإسرائيلية:

النزاع حول أولويات الحرب

- النزاع حول استمرارية الحرب: تؤيد المجموعة الأولى استمرار الحرب فيما تعارض المجموعة الثانية ذلك، لكن غانتس وآيزنكوت مواقفهما لا تشكّل عامل ضغط، ولم تتم ترجمة مواقفهما بشكل منسجم. في إطار ذلك، يعمل نتنياهو إلى الوصول إلى حلول وسط بين عدم وقف الحرب، وعدم استمرارها بالشكل الواسع، تماشياً مع الطلب الأميركي، وتوفيقاً بين الأطراف المتنازعة.

- الأولوية للدفع نحو صفقة تعيد الأسرى: تؤيد المجموعة الأولى هذا المطلب فيما تعتقد المجموعة الثانية أن الأولوية القصوى هي إعادة الأسرى ويجب التوصل سريعاً إلى صفقة تبادل. في سياق ذلك، قال بيني غانتس حول موضوع المفاوضات مع حماس يوم 25/1/2024: "شهدنا في الأيام الأخيرة تسريبات متصاعدة تمزّق العائلات والناس، وتضر بالجهود الجبارة التي تبذل في الموضوع. عودة المختطفين واجب أخلاقي على الدولة".

من الجدير بالذكر أن نتنياهو يناقض مواقفه في هذا الخصوص، حيث أن القناة الـ 13، تحدثت عن رفض رئيس الوزراء مقترحاً صاغه وزراء بمجلس الحرب لبدء مفاوضات جديدة مع حركة حماس، وإبرام صفقة تفضي لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين بقطاع غزة. في المقابل، كشفت صحيفة هآرتس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ عائلات الأسرى بأن "إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات من أجل صفقة جديدة".

النزاع حول الجبهة الشمالية

- تأييد فتح الحرب في الجبهة الشمالية: ليبرمان يرى معالجة الموضوع على الحدود مع لبنان عبر توجيه ضربة عسكرية، ويتوافق مع ذلك سموتريتش وبن غافير في تأييدهم توجيه ضربة إلى حزب الله، فيما يرى كل من الوزيرين بيني غانتس، وغادي أيزنكوت، الأفضلية إلى تجنب الصراع على الحدود الشمالية، ومنع فتح جبهة جديدة.

- تأييد الحل الدبلوماسي: يفضّله نتنياهو وغالانت وهاليفي لكن مع مواقف وتصريحات تصعيدية. في المقابل، سموتريتش وبن غافير وليبرمان لا يتناولون فرضية الحل الدبلوماسي.

في سياق آخر، بتاريخ 23/1/2024، طالب رؤساء سلطات محلية من المناطق القريبة من الحدود مع لبنان، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكابنيت الحرب بتسوية المنطقة الممتدة من الخط الحدودي حتى 10 كيلومتر داخل لبنان. جاء ذلك في تفاصيل نقلتها صحيفة "معاريف" العبرية عن اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي (كابنيت الحرب)، مع رؤساء سلطات محلية من المناطق القريبة من الحدود مع لبنان.

التخلص من نتنياهو

لكل من غالانت وغانتس وليبرمان وآيزنكوت ولابيد وهاليفي صراعاته مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لذلك جميعهم يرى أن نتنياهو هو سبب الكارثة التي وقعت في السابع من أكتوبر، ومع استبداله، أما على الجهة الأخرى يتفق اليمينان المتطرفان، بن غافير وسموتريتش مع سياسة نتنياهو، لذلك هم يعارضان فكرة حكومة جديدة.

يدرك نتنياهو أن رغبة الجميع هي التخلص منه، لذا يبدو أنه يرقص على حبال التناقضات، مرة يوجّه خطاباً تصاعدياً حول السيطرة على غزة لإرضاء اليمين، فيما يقول للأميركي أنه مضطر لمجاراتهم، وليس لديه نوايا للاحتلال وهذه سياسته التقليدية، ولا يعلّق على انسحاب الجيش من شمال قطاع غزة، فيما يتحدث عن نصر حاسم بشكل روتيني ويحاول اجتذاب ليبرمان إلى صفه، ويناور على الكابنيت الحربي بتحريك مجلس الأمن القومي، كما يحاول توظيف اليمين في الضغط على الجيش وإضعاف موقفه.

أفرزت الحرب على غزة طبقات من الصدع داخل القيادة الإسرائيلي لا تتوقف عند التعارض بين اليسار واليمين أو المعارضة والحكومة، بل تعدته إلى أشكال أكثر عمقاً ووضوحاً، وسط صراخ نتنياهو على الجميع إن "إسرائيل تخوض حرباً وجودية".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور