توازياً مع نتائج استطلاعات الرأي التي تبرز انخفاض تأييد الرئيس الحالي إلى أدنى مستوياتها، تبذل الإدارة الأميركية جهوداً لرأب الصدع الناتج عن دعم الولايات المتحدة المتطرف لإسرائيل والتي أنتجت إبادة جماعية مستمرة بحق الشعب الفلسطيني. وعلى ما يبدو فإن اللقاءات التمهيدية مع الناخبين قبيل الانتخابات، خاصة في الولايات ذات الأغلبية العربية والمسلمة، ستشهد على اعترافات صريحة بالأخطاء التي ارتكبتها الإدارة منذ 7 أكتوبر، تماماً كما حصل في ولاية ميشيغان.
في اجتماع مغلق مع القادة الأمريكيين العرب في ميشيغان هذا الأسبوع، اعترف أحد كبار مساعدي السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن بأخطاء ارتكبتها الإدارة في غزة. قائلا إنه ليس لديه "أي ثقة" بأن الحكومة الإسرائيلية مستعدة لاتخاذ "خطوات ذات مغزى" نحو إقامة دولة فلسطينية.
نقل نائب مستشار الأمن القومي، جون فينر، في تسجيل صوتي مسرب حصلت عليه الصحافة الأميركية، أسف الإدارة عما أسماه "الأخطاء" التي ارتكبتها منذ بداية الحرب، وتعهد بأنها ستفعل ما هو أفضل.
وخلال الاجتماع الذي عقد مع السياسيين العرب الأميركيين في ديربورن بولاية ميشيغان، قال فينر: "نحن ندرك جيداً أن لدينا أخطاء في سياق الاستجابة لهذه الأزمة منذ 7 أكتوبر". وأضاف "لقد تركنا انطباعاً ضاراً للغاية استناداً إلى ما كان حساباً عاماً غير كاف ٍتماماً لمدى تقدير الرئيس والإدارة والبلاد لحياة الفلسطينيين. وقد بدأ ذلك، بصراحة، في وقت مبكر جداً من الصراع".
على الرغم من أن هذه التصريحات ليست يتيمة، إلا أن توقيتها يحمل دلالات عدة. اذ أن فينر الذي تحدث في جلسة ضمن إطار الحملة الانتخابية لبايدن، ثم وصف خلال حديثه إلى الصحفيين، العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها "تجاوز" وان "معاناة الأبرياء "يجب أن تتوقف"، إضافة إلى جهود عدد من النواب لتقديم مشروع قانون يهدف إلى الحد من ارسال الأسلحة للكيان، تشير إلى ان مسار آخر، قد تضطر الإدارة الأميركية ان تتخذه في حال عدم التوصل إلى وقف إطلاق نار، وتعنت تل أبيب في المفاوضات الجارية. اذ ان حجم التورط والخسائر التي منيت بها الإدارة على مختلف الصعد، -وكلها تصب بالنسبة لها في الحسابات الانتخابية حالياً- أصبح مكلفاً جداً.
ووصف خبير استراتيجي ديموقراطي، لبناني الأصلي من ميشيغان، عباس علوية، بأن ما يجري هو عملية محبطة إلى حد ما. وأضاف أن اثنين من الحاضرين لديهما حاليا أفراد من عائلتهما عالقون في غزة.
وقال علوية: "جاء مسؤولو الإدارة وتحدثوا عن عثرات، وأشاروا على وجه التحديد إلى البيان الذي أصدره الرئيس بايدن في علامة 100 يوم، كمثال على الخطأ"، مضيفا في وقت لاحق: "لم نكن نبحث عنهم فقط للاعتراف بالأخطاء وكيف تحدثوا عن الحرب علناً، ولكن أيضاً نعترف بأن دعم الرئيس المستمر لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة وتمويله المستمر لغريزة نتنياهو الأكثر دموية هو المشكلة. مضيفاً "إذا كان الرئيس بايدن يريد فرصة هنا في ميشيغان، فسيحتاج إلى القيام بشيء مختلف". وهذا ما أكد عليه عمدة ديربورن، عبدالله حمود: "لقد ظللنا ثابتين على قيمنا ومطالبنا بوقف دائم لإطلاق النار، وإنهاء الدعم العسكري غير المحدود لإسرائيل، وتسريع المساعدات الإنسانية والتمويل للأونروا، من بين أمور أخرى".
We remained uncompromising in our values and our demands for a permanent ceasefire, ending unrestricted military support to the State of Israel, and expediting humanitarian aid and funding to UNRWA, among others.
— Abdullah H. Hammoud (@AHammoudMI) February 8, 2024
من ناحية أخرى، فإن التصريحات الصادرة عن جوقة المسؤولين الأميركيين، عن عدم الرضا على السلوك الإسرائيلي، دون اتخاذ تدابير من شأنها وقف المجازر المتعمدة بحق المدنيين والأطفال، وعلى رأسها وقف التسليح، يأتي ضمن إطار "النفاق" السياسي. ففي الوقت الذي يعبر فيه مسؤولون عن أسفهم على أخطاء ارتكبت في محضر ناخبين عرب ومسلمين، يفاخر زملاؤهم بالدعم الأميركي لإسرائيل في محافل أخرى، سراً وعلانية، لكسب ثقة اللوبي اليهودي تارة، والحصول على تأييد الناخبين المؤيدين للمجزرة الإسرائيلية تارة أخرى.
الكاتب: غرفة التحرير